ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنع من بيع الماء الذي يشترك فيه الناس
ثبت في " صحيح مسلم " من حديث جابر رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء . وفيه عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الفحل وعن بيع الماء والأرض لتحرث فعن ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وفي لفظ آخر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وقال البخاري في بعض طرقه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلإ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفي " المسند " من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] من منع فضل مائه أو فضل كلئه منعه الله فضله يوم القيامة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفي " سنن ابن ماجه " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ثلاث لا يمنعن الماء والكلأ والنار [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفي " سننه " أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] المسلمون شركاء في ثلاث : الماء والنار والكلأ وثمنه حرام [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفي " صحيح البخاري " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط ورجل أقام سلعة بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الآية .
وفي " سنن أبي داود " [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عن بهيسة قالت استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يدنو منه ويلتزمه ثم قال يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال الماء قال " يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال الملح قال يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال أن تفعل الخير خير لك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الماء خلقه الله في الأصل مشتركا بين العباد والبهائم وجعله سقيا لهم فلا يكون أحد أخص به من أحد ولو أقام عليه وتنأ عليه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابن السبيل أحق بالماء من التانئ عليه ذكره أبو عبيد عنه . وقال أبو هريرة : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ابن السبيل أول شارب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[جواز بيع الماء إذا كان في قربته أو إنائه ]
فأما من حازه في قربته أو إنائه فذاك غير المذكور في الحديث وهو بمنزلة سائر المباحات إذا حازها إلى ملكه ثم أراد بيعها كالحطب والكلأ والملح وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رواه البخاري . وفي " الصحيحين " [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عن علي رضي الله عنه قال أصبت شارفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا آخر فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرا لأبيعه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وذكر الحديث فهذا في الكلأ والحطب المباح بعد أخذه وإحرازه وكذلك السمك وسائر المباحات وليس هذا محل النهي بالضرورة ولا محل النهي أيضا بيع مياه الأنهار الكبار المشتركة بين الناس فإن هذا لا يمكن منعها والحجر عليها وإنما محل النهي صور أحدها : المياه المنتقعة من الأمطار إذا اجتمعت في أرض مباحة فهي مشتركة بين الناس وليس أحد أحق بها من أحد إلا بالتقديم لقرب أرضه كما سيأتي إن شاء الله تعالى فهذا النوع لا يحل بيعه ولا منعه ومانعه عاص مستوجب لوعيد الله ومنع فضله إذ منع فضل ما لم تعمل يداه .
فإن قيل فلو اتخذ في أرضه المملوكة له حفرة يجمع فيها الماء أو حفر بئرا فهل يملكه بذلك ويحل له بيعه ؟ قيل لا ريب أنه أحق به من غيره ومتى كان الماء النابع في ملكه والكلأ والمعدن فوق كفايته لشربه وشرب ماشيته ودوابه لم يجب عليه بذله نص عليه أحمد وهذا لا يدخل تحت وعيد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إنما توعد من منع فضل الماء ولا فضل في هذا .
فصل [يجب بذل ما فضل من الماء عن حاجته وحاجة بهائمه وزرعه لمن طلبه لحاجته أو حاجة بهائمه والاختلاف في بذله لزرع غيره ]
وما فضل منه عن حاجته وحاجة بهائمه وزرعه واحتاج إليه آدمي مثله أو بهائمه بذله بغير عوض ولكل واحد أن يتقدم إلى الماء ويشرب . ويسقي ماشيته وليس لصاحب الماء منعه من ذلك ولا يلزم الشارب وساقي البهائم عوض . وهل يلزمه أن يبذل له الدلو والبكرة والحبل مجانا أو له أن يأخذ أجرته ؟ على قولين وهما وجهان لأصحاب أحمد في وجوب إعارة المتاع عند الحاجة إليه أظهرهما دليلا وجوبه وهو من الماعون . قال أحمد : إنما هذا في الصحاري والبرية دون البنيان يعني : أن البنيان إذا كان فيه الماء فليس لأحد الدخول إليه إلا بإذن صاحبه وهل يلزمه بذل فضل مائه لزرع غيره ؟ فيه وجهان وهما روايتان عن أحمد .
أحدهما : لا يلزمه وهو مذهب الشافعي لأن الزرع لا حرمة له في نفسه ولهذا لا يجب على صاحبه سقيه بخلاف الماشية .
والثاني : يلزمه بذله واحتج لهذا القول بالأحاديث المتقدمة وعمومها ومما روي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عن عبد الله بن عمرو أن قيم أرضه بالوهط كتب إليه يخبره أنه سقى أرضه وفضل له من الماء فضل يطلب بثلاثين ألفا فكتب إليه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : أقم قلدك ثم اسق الأدنى فالأدنى فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع فضل الماء [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قالوا : وفي منعه من سقي الزرع إهلاكه وإفساده فحرم كالماشية . وقولكم لا حرمة له فلصاحبه حرمة فلا يجوز التسبب إلى إهلاك ماله ومن سلم لكم أنه لا حرمة للزرع ؟ قال أبو محمد المقدسي : ويحتمل أن يمنع نفي الحرمة عنه فإن إضاعة المال منهي عنها وإتلافه محرم وذلك دليل على حرمته .
[هل تملك البئر النابعة أو العين المستنبطة والمعادن في أرضه ]
فإن قيل فإذا كان في أرضه أو داره بئر نابعة أو عين مستنبطة فهل تكون ملكا له تبعا لملك الأرض والدار ؟ قيل أما نفس البئر وأرض العين فمملوكة لمالك الأرض وأما الماء ففيه قولان وهما روايتان عن أحمد ووجهان لأصحاب الشافعي .
أحدهما : أنه غير مملوك لأنه يجري من تحت الأرض إلى ملكه فأشبه الجاري في النهر إلى ملكه .
والثاني : أنه مملوك له قال أحمد في رجل له أرض ولآخر ماء فاشترك صاحب الأرض وصاحب الماء في الزرع يكون بينهما ؟ فقال لا بأس وهذا القول اختيار أبي بكر .
وفي معنى الماء المعادن الجارية في الأملاك كالقار والنفط والموميا والملح وكذلك الكلأ النابت في أرضه كل ذلك يخرج على الروايتين في الماء وظاهر المذهب أن هذا الماء لا يملك وكذلك هذه الأشياء قال أحمد : لا يعجبني بيع الماء البتة وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن قوم بينهم نهر تشرب منه أرضهم لهذا يوم ولهذا يومان يتفقون عليه بالحصص فجاء يومي ولا أحتاج إليه أكريه بدراهم ؟ قال ما أدري أما النبي صلى الله عليه وسلم فنهى عن بيع الماء قيل إنه ليس يبيعه إنما يكريه قال إنما احتالوا بهذا ليحسنوه فأي شيء هذا إلا البيع انتهى .
[ ترجيح المصنف المنع من البيع ]
وكذلك من سبق إلى الجلوس في رحبة أو طريق واسعة فهو أحق بها ما دام جالسا فإذا استغنى عنها وأجر مقعده لم يجز وكذلك الأرض المباحة إذا كان فيها كلأ أو عشب فسبق بدوابه إليه فهو أحق برعيه ما دامت دوابه فيه فإذا طلب الخروج منها وبيع ما فضل عنه لم يكن له ذلك وهكذا هذا الماء سواء فإنه إذا فارق أرضه لم يبق له فيه حق وصار بمنزلة الكلأ الذي لا اختصاص له به ولا هو في أرضه .
فإن قيل الفرق بينهما أن هذا الماء في نفس أرضه فهو منفعة من منافعها فملكه بملكها كسائر منافعها بخلاف ما ذكرتم من الصور فإن تلك الأعيان ليست من ملكه وإنما له حق الانتفاع والتقديم إذا سبق خاصة .
قيل هذه النكتة التي لأجلها جوز من جوز بيعه وجعل ذلك حقا من حقوق أرضه فملك المعاوضة عليه وحده كما يملك المعاوضة عليه مع الأرض فيقال حق أرضه في الانتفاع لا في ملك العين التي أودعها الله فيها بوصف الاشتراك وجعل حقه في تقديم الانتفاع على غيره في التحجر والمعاوضة فهذا القول هو الذي تقتضيه قواعد الشرع وحكمته واشتماله على مصالح العالم وعلى هذا فإذا دخل غيره بغير إذنه فأخذ منه شيئا ملكه لأنه مباح في الأصل فأشبه ما لو عشش في أرضه طائر أو حصل فيها ظبي أو نضب ماؤها عن سمك فدخل إليه فأخذه .
زاد المعاد الجزء الخامس
زاد المعاد الجزء الخامس