ذات يوم استوقفنى شيخ فاضل له بصمة واضحة في العمل المصرفي الإسلامي في الكويت* وقال لي : يأبني إن أقرب طريق للالتقاء بين نقطتين هو الخط المستقيم وإن أي انحراف في الخط المستقيم سواء في البداية أو في النهاية ولو كان بسيطا يجعلك لا تصل إلى النقطة المحددة لأن زاوية الانحراف مع امتداد الخط المستقيم سوف تكون كبيرة جدا ، عند ذلك توقفت أتدبر بعض الآيات الكريمات في مفهوم الاستقامة.
قال الله تعالى: { فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولاتتبع أهواءهم} الشورى أية 15، { فاستقم كماامرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} هود أية 112
والدعاة إلى الله أحوج ما يكونوا اليوم إلى تحقيق مفهوم الإستقامه في أنفسهم وأهليهم أولا وفيمن حولهم من المدعوين وإلا كان الانحراف وقلة التوفيق في العمل الدعوى، وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإستقامه فعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحداً غيرك قال:" قل : أمنت بالله ثم استقم " رواه مسلم .
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي في تعريف الاستقامة في" كتاب جامع العلوم والحكم" : " هي سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القيم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها كذلك فصارت هذه الوصية جامعه لخصال الدين كلها"
والمؤسسة الدعوية متى ما إن تنتهج طريق الاستقامة في غاياتها ووسائلها الدعوية ألا وتحقق الهدف وحصل التوفيق ، والإستقامه ليست شكل ظاهر وملبس تدين بل هي سلوك يتعلق بالظاهر والباطن.
يقول ابن القيم الجوزية: " فالاستقامة كلمة جامعة ، أخذه بمجامع الدين . وهى القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء ، والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات"
الإستقامه منهج حياة نتلوه كل يوم المرات الكثيرة فهل تدبرنا قول الله عزوجل { اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }الفاتحة- فمن هم أصحاب الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم وما صفتهم فتعال معي ودقق فهمك في ما قاله ابن القيم الجوزية – يقول رحمه الله :
"ولماكان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه ،مريدا لسلوك طريق مرافقه فبها فى غاية القلة والعزة، والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق ، نبه الله سبحانه على الرفيق فى هذا الطريق وأنهم هم الذين { أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له ،وهم الذين أنعم الله عليهم،ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط المستقيم وحشة تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه ،وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط : هم الذين انعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا ، وكلما استوحشت في تفردك فأنظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم ،فأنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ً، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك "
فلتكن سمة الدعاة الاستقامة ولنعمل على إحياء ذلك في مجتمعاتنا التي تفشت فيها مظاهر الانحراف والغش والخديعة والزور ولنعلم إن مؤسساتنا الدعوية ليست ببعيد عن ذلك الانحراف إن لم نتواصى على سلوك الصراط المستقيم . الذي دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبل قال الله تعالى :{ وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم ،صراط الله الذي له مافى السموات ومافى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}الشورى – والإستقامه لها أصل متى تحقق ظهر أثره على السلوك والأخلاق فكان الداعية بذلك مشعل نور وقدوة لمن حوله من المدعوين والخصوم
يقول ابن رجب الحنبلي: "فأصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد فمتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه استقامت الجوارح كلها على طاعته ،فإن القلب هو ملك الأعضاء وهى جنوده ، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان فإنه ترجمان القلب والمعبر عنه ، وفى مستند الإمام أحمد عن انس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه }"
إن التساهل في تأصيل العبادات القلبية و المفاهيم السلوكية التربوية في المؤسسة الدعوية أظهر لنا نوع من الدعاة يتقن فن الكلام والإقناع وصياغة العبارات ولكن مخفق في سلوك طريق المجاهدة لاقتفاء الصراط المستقيم الذي أمرنا بإتباعه ، قال ابن مسعود رضي الله عنه " خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وقال : هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ، وقال :هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ قوله تعالى: { وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون }
ومن توفيق الله لعباده أن يدلهم على طريق الإستقامه قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة" ولاشك أن سلوك طريق الاستقامة عمليه مستمرة في حياة الداعية حتى يسهل له قياد نفسه وحتى عند تلك اللحظة عليه أن يكون على حذر من مصائد النفس والشيطان يقول محمد بن المنكدر-رحمه الله- :{ كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت}
والداعية إلى الله تعالى يجب أن يسلك طريق التسديد والمقاربة في تربية نفسه على الأخلاق والعبادات القبلية فقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال:{ سددوا وقاربوا ،وأعلموا أنه لن ينجو احد منكم بعمله قالوا ولا أنت يارسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل} رواه مسلم . قال ابن القيم الجو زيه :"فجمع هذا الحديث مقامات الدين كلها فأمر بالإستقامه وهى السداد والإصابة في النيات والأقوال والأعمال". ويقول في موضع أخر : " والمطلوب من العبد الاستقامة وهى السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة فإن نزل عنها فالتفريط والإضاعة" يقول الله تعالى: {قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه } فصلت 6
وفى قول الله عزوجل :{ فاستقيموا إليه واستغفروه } يقول ابن رجب الحنبلي : "إشارة إلى إنه لابد من تقصير في الإستقامه المأمور بها ،فيجبر ذلك بالاستغفار المقتضى للتوبة والرجوع إلى الاستقامة فهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: {اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها }
وفى الختام ماكتبت هذه الكلمات إلا تذكيرا لنفسي المقصرة ونصحا لإخواني الدعاة سائلا الله العظيم أن يجمعنا مع أما م الدعاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
* الشيخ /أحمد البز يع رئيس اللجنة الشرعية في بيت التمويل الكويتي
قال الله تعالى: { فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولاتتبع أهواءهم} الشورى أية 15، { فاستقم كماامرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} هود أية 112
والدعاة إلى الله أحوج ما يكونوا اليوم إلى تحقيق مفهوم الإستقامه في أنفسهم وأهليهم أولا وفيمن حولهم من المدعوين وإلا كان الانحراف وقلة التوفيق في العمل الدعوى، وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإستقامه فعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحداً غيرك قال:" قل : أمنت بالله ثم استقم " رواه مسلم .
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي في تعريف الاستقامة في" كتاب جامع العلوم والحكم" : " هي سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القيم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها كذلك فصارت هذه الوصية جامعه لخصال الدين كلها"
والمؤسسة الدعوية متى ما إن تنتهج طريق الاستقامة في غاياتها ووسائلها الدعوية ألا وتحقق الهدف وحصل التوفيق ، والإستقامه ليست شكل ظاهر وملبس تدين بل هي سلوك يتعلق بالظاهر والباطن.
يقول ابن القيم الجوزية: " فالاستقامة كلمة جامعة ، أخذه بمجامع الدين . وهى القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء ، والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات"
الإستقامه منهج حياة نتلوه كل يوم المرات الكثيرة فهل تدبرنا قول الله عزوجل { اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }الفاتحة- فمن هم أصحاب الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم وما صفتهم فتعال معي ودقق فهمك في ما قاله ابن القيم الجوزية – يقول رحمه الله :
"ولماكان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه ،مريدا لسلوك طريق مرافقه فبها فى غاية القلة والعزة، والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق ، نبه الله سبحانه على الرفيق فى هذا الطريق وأنهم هم الذين { أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له ،وهم الذين أنعم الله عليهم،ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط المستقيم وحشة تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه ،وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط : هم الذين انعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا ، وكلما استوحشت في تفردك فأنظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم ،فأنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ً، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك "
فلتكن سمة الدعاة الاستقامة ولنعمل على إحياء ذلك في مجتمعاتنا التي تفشت فيها مظاهر الانحراف والغش والخديعة والزور ولنعلم إن مؤسساتنا الدعوية ليست ببعيد عن ذلك الانحراف إن لم نتواصى على سلوك الصراط المستقيم . الذي دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبل قال الله تعالى :{ وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم ،صراط الله الذي له مافى السموات ومافى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}الشورى – والإستقامه لها أصل متى تحقق ظهر أثره على السلوك والأخلاق فكان الداعية بذلك مشعل نور وقدوة لمن حوله من المدعوين والخصوم
يقول ابن رجب الحنبلي: "فأصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد فمتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه استقامت الجوارح كلها على طاعته ،فإن القلب هو ملك الأعضاء وهى جنوده ، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان فإنه ترجمان القلب والمعبر عنه ، وفى مستند الإمام أحمد عن انس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه }"
إن التساهل في تأصيل العبادات القلبية و المفاهيم السلوكية التربوية في المؤسسة الدعوية أظهر لنا نوع من الدعاة يتقن فن الكلام والإقناع وصياغة العبارات ولكن مخفق في سلوك طريق المجاهدة لاقتفاء الصراط المستقيم الذي أمرنا بإتباعه ، قال ابن مسعود رضي الله عنه " خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وقال : هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ، وقال :هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ قوله تعالى: { وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون }
ومن توفيق الله لعباده أن يدلهم على طريق الإستقامه قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة" ولاشك أن سلوك طريق الاستقامة عمليه مستمرة في حياة الداعية حتى يسهل له قياد نفسه وحتى عند تلك اللحظة عليه أن يكون على حذر من مصائد النفس والشيطان يقول محمد بن المنكدر-رحمه الله- :{ كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت}
والداعية إلى الله تعالى يجب أن يسلك طريق التسديد والمقاربة في تربية نفسه على الأخلاق والعبادات القبلية فقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال:{ سددوا وقاربوا ،وأعلموا أنه لن ينجو احد منكم بعمله قالوا ولا أنت يارسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل} رواه مسلم . قال ابن القيم الجو زيه :"فجمع هذا الحديث مقامات الدين كلها فأمر بالإستقامه وهى السداد والإصابة في النيات والأقوال والأعمال". ويقول في موضع أخر : " والمطلوب من العبد الاستقامة وهى السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة فإن نزل عنها فالتفريط والإضاعة" يقول الله تعالى: {قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه } فصلت 6
وفى قول الله عزوجل :{ فاستقيموا إليه واستغفروه } يقول ابن رجب الحنبلي : "إشارة إلى إنه لابد من تقصير في الإستقامه المأمور بها ،فيجبر ذلك بالاستغفار المقتضى للتوبة والرجوع إلى الاستقامة فهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: {اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها }
وفى الختام ماكتبت هذه الكلمات إلا تذكيرا لنفسي المقصرة ونصحا لإخواني الدعاة سائلا الله العظيم أن يجمعنا مع أما م الدعاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
* الشيخ /أحمد البز يع رئيس اللجنة الشرعية في بيت التمويل الكويتي