قال الله تعالى : (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ
{17} مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ {18} مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
{19} ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ {20} ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ {21})
[عبس 17 ـ 20].
و تيسير سبيل
الجنين عند خروجه من الرحم هو أحد المفاهيم التي تشعها الآية الكريمة و هي
تبدي هذه الرعاية الربانية للنطفة ثم بعد اكتمالها في خروجها و تيسير
سبيلها ثم تنتهي الدورة " ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره " فتمر بلقطات
سريعة تبدأ بالنطفة و تنتهي بالحشر و النشر .
و
تيسير السبيل في الولادة أمر عجيب لأنه حير القدماء إذ كيف يمر الجنين في
ذلك الممر الضيق .. و عنق الرحم لا يسمح في العادة لأكثر من إبرة لدخوله..
فيتسع ذلك العنق و يرتفع تدريجياً في مرحلة المخاض حتى ليسع أصبع ثم إصبعين
ثم ثلاثة فأربعة فإذا وصل الاتساع إلى خمسة أصابع فالجنين على وشك الخروج .
ليس
ذلك فحسب و لكن الزوايا تنفرج لتجعل ما بين الرحم و عنقه طريقاً واحداً و
سبيلاً واحداً ليس فيه اعوجاج كما هو معتاد حيث يكون الرحم مائلاً إلى
الأمام بزاوية درجتها تسعين تقريباً و في الحمل يكون وضع الرحم من عنقه في
خط واحد و خاصة في آخر الحمل بدون زاويا.
ثم يأتي دور الإفرازات و الهرمونات التي تسهل عملية الولادة .و تجعل عظام الحوض عضلاته ترتخي و خاصة بتأثير مفعول هرمون الارتخاء Relaxin،و
تتضافر هذه العوامل جميعاً لتيسر لهذا المخلوق سبيل خروجه إلى الدنيا .و
لا يقتصر معنى تيسير السبيل على هذا و إنما يستمر ذلك التيسير بعد الولادة
حيث يسر للرضيع لبن أمه و حنانها ثم يسر له عطف الوالدين و حبهم ، ثم يستمر
التيسير لسبل المعاش من لحظة الولادة إلى لحظة الممات. فلله الحمد على هذه
النعم و الآلاء التي لا تحصى و لا تعد