هل نقول في التشهد " السلام عليك أيها النبي " أم " السلام على النبي " ؟
هل صحيح أنه بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم : أن من قال في التشهد "
السلام عليك أيها النبي " ، أن ذلك فيه مخافة الشرك ؟ وأنه علينا أن نقول "
السلام على النبي " ؟.
الحمد لله
سئل علماء اللجنة الدائمة :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي
بين كفيه التشهد ، كما يعلمني السورة من القرآن : التحيات لله والصلوات
والطيبات السلام عليك أيها النبي ... الخ وهو بين ظهرانينا ، فلما قبض
قلنا : السلام على النبي صلى الله عليه وسلم .
فكثير من الناس يقولون هذه الصيغة الأخيرة ويأمرون بها .
فأجابوا :
صفة التشهد الذي كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته ويأمر
أصحابه بها هي ما أخرجه الشيخان في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كفي بين كفيه كما
يعلمني السورة من القرآن " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك
أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " وهذا هو الأصح لأن
النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه أصحابه ولم يقل " إذا مت فقولوا السلام
على النبي ... " .
وسئلوا – أيضاً - :
في التشهد هل يقول الإنسان " السلام عليك أيها النبي " أم يقول " السلام
على النبي " لأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " كنا نقول قبل
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " السلام عليك أيها النبي " وبعد موته صلى
الله عليه وسلم كنا نقول " السلام على النبي " ؟ .
فأجابوا :
الصحيح أن يقول المصلي في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته ؛ لأن هذا هو الثابت في الأحاديث ، وأما ما روي عن ابن مسعود رضي
الله عنه في ذلك- إن صح عنه - فهو اجتهاد من فاعله لا يعارض به الأحاديث
الثابتة ، ولو كان الحكم يختلف بعد وفاته عنه في حياته لبينه لهم صلى
الله عليه وسلم .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 7 / 11 - 13 ) .
وقد بيَّن الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – المسألة أعظم توضيح ، وردَّ فيه على شبهة من ادعى أن الصيغة الشرعية هي من باب نداء الغائب فقال :
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني : هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟ .
الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
الجواب : لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة لا يصحُّ فيها شيء من
كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك لجَهَرَ به الصَّحابةُ حتى يَسمعَ
النبي صلى الله عليه وسلم ، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك عند
ملاقاتِهم إيَّاه ، ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط
المستقيم " : لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين
السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك تخاطبه .
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا يسمعهم ، ويقولون :
السلام عليك ، وهم في بلد وهو في بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ،
ونحن في بلد غير بلده ، وفي عصر غير عصره .
وأمّا ما وَرَدَ في " صحيح البخاري " عن عبد الله بن مسعود أنهم كانوا
يقولون بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم: " السَّلامُ على النَّبيِّ
ورحمة الله وبركاته " فهذا مِن اجتهاداتِه – رضي الله عنه - التي خالَفه
فيها مَنْ هو أعلمُ منه ؛ عُمرُ بن الخطَّاب ، فإنه خَطَبَ النَّاسَ على
مِنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في التشهُّد ِ: " السَّلامُ عليك
أيُّها النبيُّ ورحمة الله " كما رواه مالك في " الموطأ " بسَنَدٍ من
أصحِّ الأسانيد ، وقاله عُمرُ بمحضر الصَّحابة وأقرُّوه على ذلك .
ثم إن الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ علَّمه أمَّته ، حتى إنه كان
يُعَلِّم ابنَ مسعود ، وكَفُّه بين كفَّيه من أجل أن يستحضر هذا اللَّفظَ ،
وكان يُعلِّمُهم إيَّاه كما يُعلِّمُهم السُّورة من القرآن ، وهو يعلَم
أنه سيموت ؛ لأن الله قال له : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) الزمر / 30 ، ولم
يقلْ : بعد موتي قولوا : السَّلامُ على النَّبيِّ ، بل عَلَّمَهم
التشهُّدَ كما يُعلِّمُهم السُّورةَ من القرآن بلفظها ، ولذلك لا يُعَوَّلُ
على اجتهاد ابن مسعود ، بل يُقال : " السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ " .
" الشرح الممتع " ( 3 / 150 ، 151 ) .
والله أعلم .
منقول
هل صحيح أنه بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم : أن من قال في التشهد "
السلام عليك أيها النبي " ، أن ذلك فيه مخافة الشرك ؟ وأنه علينا أن نقول "
السلام على النبي " ؟.
الحمد لله
سئل علماء اللجنة الدائمة :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي
بين كفيه التشهد ، كما يعلمني السورة من القرآن : التحيات لله والصلوات
والطيبات السلام عليك أيها النبي ... الخ وهو بين ظهرانينا ، فلما قبض
قلنا : السلام على النبي صلى الله عليه وسلم .
فكثير من الناس يقولون هذه الصيغة الأخيرة ويأمرون بها .
فأجابوا :
صفة التشهد الذي كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته ويأمر
أصحابه بها هي ما أخرجه الشيخان في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كفي بين كفيه كما
يعلمني السورة من القرآن " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك
أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " وهذا هو الأصح لأن
النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه أصحابه ولم يقل " إذا مت فقولوا السلام
على النبي ... " .
وسئلوا – أيضاً - :
في التشهد هل يقول الإنسان " السلام عليك أيها النبي " أم يقول " السلام
على النبي " لأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " كنا نقول قبل
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " السلام عليك أيها النبي " وبعد موته صلى
الله عليه وسلم كنا نقول " السلام على النبي " ؟ .
فأجابوا :
الصحيح أن يقول المصلي في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته ؛ لأن هذا هو الثابت في الأحاديث ، وأما ما روي عن ابن مسعود رضي
الله عنه في ذلك- إن صح عنه - فهو اجتهاد من فاعله لا يعارض به الأحاديث
الثابتة ، ولو كان الحكم يختلف بعد وفاته عنه في حياته لبينه لهم صلى
الله عليه وسلم .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 7 / 11 - 13 ) .
وقد بيَّن الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – المسألة أعظم توضيح ، وردَّ فيه على شبهة من ادعى أن الصيغة الشرعية هي من باب نداء الغائب فقال :
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني : هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟ .
الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
الجواب : لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة لا يصحُّ فيها شيء من
كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك لجَهَرَ به الصَّحابةُ حتى يَسمعَ
النبي صلى الله عليه وسلم ، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك عند
ملاقاتِهم إيَّاه ، ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط
المستقيم " : لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين
السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك تخاطبه .
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا يسمعهم ، ويقولون :
السلام عليك ، وهم في بلد وهو في بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ،
ونحن في بلد غير بلده ، وفي عصر غير عصره .
وأمّا ما وَرَدَ في " صحيح البخاري " عن عبد الله بن مسعود أنهم كانوا
يقولون بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم: " السَّلامُ على النَّبيِّ
ورحمة الله وبركاته " فهذا مِن اجتهاداتِه – رضي الله عنه - التي خالَفه
فيها مَنْ هو أعلمُ منه ؛ عُمرُ بن الخطَّاب ، فإنه خَطَبَ النَّاسَ على
مِنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في التشهُّد ِ: " السَّلامُ عليك
أيُّها النبيُّ ورحمة الله " كما رواه مالك في " الموطأ " بسَنَدٍ من
أصحِّ الأسانيد ، وقاله عُمرُ بمحضر الصَّحابة وأقرُّوه على ذلك .
ثم إن الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ علَّمه أمَّته ، حتى إنه كان
يُعَلِّم ابنَ مسعود ، وكَفُّه بين كفَّيه من أجل أن يستحضر هذا اللَّفظَ ،
وكان يُعلِّمُهم إيَّاه كما يُعلِّمُهم السُّورة من القرآن ، وهو يعلَم
أنه سيموت ؛ لأن الله قال له : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) الزمر / 30 ، ولم
يقلْ : بعد موتي قولوا : السَّلامُ على النَّبيِّ ، بل عَلَّمَهم
التشهُّدَ كما يُعلِّمُهم السُّورةَ من القرآن بلفظها ، ولذلك لا يُعَوَّلُ
على اجتهاد ابن مسعود ، بل يُقال : " السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ " .
" الشرح الممتع " ( 3 / 150 ، 151 ) .
والله أعلم .
منقول