الفصل والإعتراض في النحو العربي
<blockquote class="postcontent restore">
يهتمُّ هذا البحث بالتراكيب الَّتي ترد في السـياق فتقطع الاتِّصال
والتجاور بين عنصـرين من عناصره قبل تمام الفائدة على خلاف الأصـل ، وهذه
التراكيب تكون دون الجملة فيُسـمَّى ورودها ( الفصل ) ، وتكون جملة
فيُسـمَّى ورودها ( الاعتراض ) .
مفهوم الفصل :
يُراد بالفصل أن يأتي عنصر دون الجملة – أي غير مستقلٍّ بالإفادة – لا
ينتمي إلى السياق الأصليِّ للتركيب ، فيقع فيه بين عنصرين متلازمين – بجامع
الصـلة ، أو الإسناد ، أو المجازاة ، أو نحو ذلك – مخالفًا بذلك مطلب
التضامّ .
ويتنوَّع عنصـر الفصل إلى أنواع ، أشهرها : القَسَـم ، والظرف ، والجارُّ
والمجرور ، والنداء ( وإن لم يعتدّ به ابن جنِّي فاصلاً ؛ لكثرته في الكلام
) .
والعنصران اللذان يقع الفصل بينهما قد يكونان اسمين ( كالفاعل والمفعول ) ،
أو فعل ومطلوبه ( كالفعل والفاعل ) ، أو حـرف وما دخل عليه ( كحرف العطف
والمعطوف ) ، ولهذا التنوُّع تفرَّق حديث النحاة عن ظاهرة الفصل في أبواب
النحو بحسب هذه العناصر .
والفصل من حيث هو مصطلح نحويٌّ يختلف عن الفصل البلاغيّ الَّذي يتحقَّق
بعدم اسـتعمال حرف العطف ، والَّذي يقابلون بينه وبين الوصل بعطف الجمل
بعضها على بعض .
مفهوم الاعتراض :
الاعتراض كالفصل ، إلاَّ أنَّ الفاصل فيه يكون جملةً مسـتقلَّة بالإفادة ،
سواء كانت خبريَّة أو إنشـائيَّة ، ولا يكون لها محلٌّ من الإعراب ،
لكنَّها لا تنفكُّ عن الجملة الأصليَّة الَّتي دخلها الاعتراض ، ولا تزول
عنها من حيث معناها .
ويمكن تعريف الاعـتراض بأنَّه : اعتراض مجرى النمط التركـيبيّ للجـملة
بتركيبٍ مستقلٍّ يَحُول دون اتِّصال عناصر الجملة بعضها ببعض اتِّصالاً
تتحقَّق به مطالبُ التضامِّ النحويِّ فيما بينها .
وحاصل الاعتراض أنَّه جملةٌ لا محلَّ لها من الإعراب " تتوسَّـط بين أجزاء جملة مستقلَّة أخرى " .
وتقع الجملة المعترضة في عدَّة مواضع أحصى منها ابن هشام سبعة عشر موضعًا ،
كالمعترضة بين الفعل ومرفوعه ، وبين المبتدإ وخبره ، وبين ما أصله المبتدأ
والخبر ، وبين الشـرط وجوابه ، وبين القسَـم وجوابه ، وبين الموصول وصلته
....
قواعد الفصل :
للفصـل قواعد وأحكـام منثورة في كتب النحو ، لكنَّ كلاًّ منها مخصـوص
بموضعه ، فلا يوجد من القواعد العامَّة لهذه الظاهرة سوى النزر اليسير ،
كقول ابن جنِّي : " وعلى الجملة فكلَّما ازداد الجزءان اتِّصـالاً قَوِيَ
قُبْحُ الفصل بينهما " ، وقول العكبَريّ : " الفصل بين العامل والمعمول
بالأجنبيّ لا يجوز " ، أمَّا ما عدا ذلك فهي أحكام خاصَّـة بمواضعها من
أبواب النحو الَّتي يقع فيها الفصل ، كباب الإضـافة ، وباب النعت ، وباب
العطف ، وغيرها ، وهي أحكام تبيِّن ما يجـوز الفصل به في موضعٍ ما وما لا
يجوز من ذلك ، والقاعدة الأسـاسيَّة في ذلك اتِّصال الفاصل بمعنى الجملة
بألاَّ يكون أجنبيًّا .
قواعد الاعتراض :
قد ذكر النحاة من قواعد الاعتراض وشـروطه ثلاثة أمور ، فاشترطوا في الجملة المعترضة :
1-أن تكون مناسـبةً للجملة الَّتي دخلها الاعتراض ، بحيث تكون كالتأكيد أو
التنبيه على حالٍ من أحوالها ، وهذا مؤدَّاه أن تكون متَّصلةً بها في
المعنى ، وقد ذكر ابن هشام أنَّ الجملة المعترضة تفيد الكلام " تقويةً
وتسديدًا أو تحسينًا " ، فاتِّصالها بمعنى الكلام يزيد فيه ويحسِّـنه ،
وإذا لم يُراع هذا الاتِّصـال فسـد المعنى ، وهذا ما لاحظه ابن الأثير حين
جعل الاعتراض على قسمين : أحدهما لا يأتي في الكـلام إلاَّ لفائدة فيجري
مجرى التوكـيد ، والآخر يأتي لغير فائدة فيكون دخوله كخروجه أو يؤثِّر في
تأليفه نقصًا وفي معناه فسادًا .
2-أن لا تكون معمولةً لشـيءٍ من أجزاء الجملة الَّتي دخلها الاعـتراض ؛
لأنَّ " الاعتراض لا موضع له من الإعراب ، ولا يعمل فيه شـيءٌ من الكلام
المعترَض به بين بعضـه وبعض " ، ولهذا يصحُّ سقوط الجملة الاعتراضيَّة ولا
يؤدِّي سقوطها إلى اختلاف في التركيب ولا في أصل المعنى .
3- أن يكون الفصل بها بين الأجزاء المنفصلة بذاتها ، ويظهر معنى هذا الشرط
بالنظر إلى بعض الحروف الَّتي تتَّصل بما تدخل عليه فيكونان كالكلمة
الواحدة ، كما في أل التعريف ، وسـين التنفيس ، وبعض حروف الجـرِّ كالباء
واللام ، فالاعتراض بينها وبين مدخولها لا يصحُّ ولا يستقيم .
قيمة الفصل والاعتراض :
يبدو في ظاهرتي الفصل والاعتراض شـيءٌ من الغربة ؛ ففيهما خروج على النظام
الأصـليِّ للتضامِّ بين أجزاء الجملة أو التركيب ، وهذا الخروج لا بدَّ له
من علَّة ؛ لأنَّ سير السياق النحويِّ للكلام بالترتيب الَّذي يوصل إلى
تأدية معناه من غير معوِّقات أمرٌ مهمٌّ في البيان ، وليس بالشـيء الهيِّن
الَّذي تُستباح مخالفته ما لم تكن فائدةٌ تُجتنى من وراء المخالفة .
ويبدو في الفصل والاعتراض شَـبَهٌ بالتقديم ، وابن عصـفور يعدُّ الفصل من
التقديم صراحة ، يقول : " وأمَّا تقديم بعض الكلام على بعض فمنه : الفصل
بين المضاف والمضاف إليه " ، ويجعله ابن جنِّي من الحمل على المعنى ، إلاَّ
أنَّه يصله بالتقديم والتأخير لما يبدو في ظاهره منه ؛ إذ " يمكن وصـف
معظم صور الفصل بأنَّها من قبيل التقديم والتأخير للمعمولات " ، لكنَّه
تقديمٌ من نوعٍ آخر ؛ فهو يخضع بالدرجة الأولى لذوق المتكلِّم الَّذي يرى
في تعجيل ورود تركيبٍ ما ضرورةً مُلِحَّة ، فيأتي به قبل تمام فائدة الكلام
الأوَّل .
والفرق الواضح بين الفصـل والتقديم أنَّ التقـديم مرتبطٌ بمبدإ الرتبة ،
حيث يكون لكلٍّ من المقدَّم والمؤخَّر فيه رتبة ، محفوظةً كانت أو غير
محفوظة ، في حين يرتبط الفصل بما هو حُرُّ الرتبة ، ومن أبرز الأمثلة على
ذلك :
الفصل بالظرف وبالجارِّ والمجرور ، اللذَيْن يُتوسَّع فيهما ما لا يُتوسَّع
في غيرهما ، ويكفل النظام النحويُّ لهما حرِّيَّة الحركة بالتقديم
والتأخير .
وما من شكٍّ في أنَّ التركيب الوارد فاصلاً أو معترِضًا يكون غريبًا
وقلِقًا في موضعه من الكـلام ، ولعلَّ هذا ما يجعله بارزًا واضـحًا ، "
يثير الانتباه ، ويلفت التفكـير " ، فتظهر قـيمته البيانيَّة والمعنويَّة
الَّتي عبَّر عنها ابن جـنِّي في باب الاعتراض حيث قال : " والاعتراض في
شـعر العرب ومنثورها كـثيرٌ وحسَن ، ودالٌّ على فصاحة المتكلِّم وقوَّة
نفْسه وامتداد نفَسـه ... " ، وقد أكَّد على كثرته وجريانه مجرى التأكيد
بقوله : " اعلم أنَّ هذا القبيل من هذا العلم كثير ، قد جاء في القرآن
وفصيح الشعر ومنثور الكلام ، وهو جارٍ عند العرب مجرى التأكيد " .
وإنَّما كـان الاعتراض جاريًا مجرى التأكـيد لأنَّه في معناه ، فهو
كـالتنبيه القويِّ للسـامع إلى شيءٍ يريده المتكلِّم ، كدعاءٍ ، أو قسَـمٍ ،
أو قيدٍ بشرطٍ ، أو نفيٍ ، أو وعـدٍ ، أو أمرٍ ، أو نهيٍ ، أو غير ذلك ،
فشـأنه في ذلك شـأن التقديم للأهمِّيَّة .
</blockquote>
<blockquote class="postcontent restore">
يهتمُّ هذا البحث بالتراكيب الَّتي ترد في السـياق فتقطع الاتِّصال
والتجاور بين عنصـرين من عناصره قبل تمام الفائدة على خلاف الأصـل ، وهذه
التراكيب تكون دون الجملة فيُسـمَّى ورودها ( الفصل ) ، وتكون جملة
فيُسـمَّى ورودها ( الاعتراض ) .
مفهوم الفصل :
يُراد بالفصل أن يأتي عنصر دون الجملة – أي غير مستقلٍّ بالإفادة – لا
ينتمي إلى السياق الأصليِّ للتركيب ، فيقع فيه بين عنصرين متلازمين – بجامع
الصـلة ، أو الإسناد ، أو المجازاة ، أو نحو ذلك – مخالفًا بذلك مطلب
التضامّ .
ويتنوَّع عنصـر الفصل إلى أنواع ، أشهرها : القَسَـم ، والظرف ، والجارُّ
والمجرور ، والنداء ( وإن لم يعتدّ به ابن جنِّي فاصلاً ؛ لكثرته في الكلام
) .
والعنصران اللذان يقع الفصل بينهما قد يكونان اسمين ( كالفاعل والمفعول ) ،
أو فعل ومطلوبه ( كالفعل والفاعل ) ، أو حـرف وما دخل عليه ( كحرف العطف
والمعطوف ) ، ولهذا التنوُّع تفرَّق حديث النحاة عن ظاهرة الفصل في أبواب
النحو بحسب هذه العناصر .
والفصل من حيث هو مصطلح نحويٌّ يختلف عن الفصل البلاغيّ الَّذي يتحقَّق
بعدم اسـتعمال حرف العطف ، والَّذي يقابلون بينه وبين الوصل بعطف الجمل
بعضها على بعض .
مفهوم الاعتراض :
الاعتراض كالفصل ، إلاَّ أنَّ الفاصل فيه يكون جملةً مسـتقلَّة بالإفادة ،
سواء كانت خبريَّة أو إنشـائيَّة ، ولا يكون لها محلٌّ من الإعراب ،
لكنَّها لا تنفكُّ عن الجملة الأصليَّة الَّتي دخلها الاعتراض ، ولا تزول
عنها من حيث معناها .
ويمكن تعريف الاعـتراض بأنَّه : اعتراض مجرى النمط التركـيبيّ للجـملة
بتركيبٍ مستقلٍّ يَحُول دون اتِّصال عناصر الجملة بعضها ببعض اتِّصالاً
تتحقَّق به مطالبُ التضامِّ النحويِّ فيما بينها .
وحاصل الاعتراض أنَّه جملةٌ لا محلَّ لها من الإعراب " تتوسَّـط بين أجزاء جملة مستقلَّة أخرى " .
وتقع الجملة المعترضة في عدَّة مواضع أحصى منها ابن هشام سبعة عشر موضعًا ،
كالمعترضة بين الفعل ومرفوعه ، وبين المبتدإ وخبره ، وبين ما أصله المبتدأ
والخبر ، وبين الشـرط وجوابه ، وبين القسَـم وجوابه ، وبين الموصول وصلته
....
قواعد الفصل :
للفصـل قواعد وأحكـام منثورة في كتب النحو ، لكنَّ كلاًّ منها مخصـوص
بموضعه ، فلا يوجد من القواعد العامَّة لهذه الظاهرة سوى النزر اليسير ،
كقول ابن جنِّي : " وعلى الجملة فكلَّما ازداد الجزءان اتِّصـالاً قَوِيَ
قُبْحُ الفصل بينهما " ، وقول العكبَريّ : " الفصل بين العامل والمعمول
بالأجنبيّ لا يجوز " ، أمَّا ما عدا ذلك فهي أحكام خاصَّـة بمواضعها من
أبواب النحو الَّتي يقع فيها الفصل ، كباب الإضـافة ، وباب النعت ، وباب
العطف ، وغيرها ، وهي أحكام تبيِّن ما يجـوز الفصل به في موضعٍ ما وما لا
يجوز من ذلك ، والقاعدة الأسـاسيَّة في ذلك اتِّصال الفاصل بمعنى الجملة
بألاَّ يكون أجنبيًّا .
قواعد الاعتراض :
قد ذكر النحاة من قواعد الاعتراض وشـروطه ثلاثة أمور ، فاشترطوا في الجملة المعترضة :
1-أن تكون مناسـبةً للجملة الَّتي دخلها الاعتراض ، بحيث تكون كالتأكيد أو
التنبيه على حالٍ من أحوالها ، وهذا مؤدَّاه أن تكون متَّصلةً بها في
المعنى ، وقد ذكر ابن هشام أنَّ الجملة المعترضة تفيد الكلام " تقويةً
وتسديدًا أو تحسينًا " ، فاتِّصالها بمعنى الكلام يزيد فيه ويحسِّـنه ،
وإذا لم يُراع هذا الاتِّصـال فسـد المعنى ، وهذا ما لاحظه ابن الأثير حين
جعل الاعتراض على قسمين : أحدهما لا يأتي في الكـلام إلاَّ لفائدة فيجري
مجرى التوكـيد ، والآخر يأتي لغير فائدة فيكون دخوله كخروجه أو يؤثِّر في
تأليفه نقصًا وفي معناه فسادًا .
2-أن لا تكون معمولةً لشـيءٍ من أجزاء الجملة الَّتي دخلها الاعـتراض ؛
لأنَّ " الاعتراض لا موضع له من الإعراب ، ولا يعمل فيه شـيءٌ من الكلام
المعترَض به بين بعضـه وبعض " ، ولهذا يصحُّ سقوط الجملة الاعتراضيَّة ولا
يؤدِّي سقوطها إلى اختلاف في التركيب ولا في أصل المعنى .
3- أن يكون الفصل بها بين الأجزاء المنفصلة بذاتها ، ويظهر معنى هذا الشرط
بالنظر إلى بعض الحروف الَّتي تتَّصل بما تدخل عليه فيكونان كالكلمة
الواحدة ، كما في أل التعريف ، وسـين التنفيس ، وبعض حروف الجـرِّ كالباء
واللام ، فالاعتراض بينها وبين مدخولها لا يصحُّ ولا يستقيم .
قيمة الفصل والاعتراض :
يبدو في ظاهرتي الفصل والاعتراض شـيءٌ من الغربة ؛ ففيهما خروج على النظام
الأصـليِّ للتضامِّ بين أجزاء الجملة أو التركيب ، وهذا الخروج لا بدَّ له
من علَّة ؛ لأنَّ سير السياق النحويِّ للكلام بالترتيب الَّذي يوصل إلى
تأدية معناه من غير معوِّقات أمرٌ مهمٌّ في البيان ، وليس بالشـيء الهيِّن
الَّذي تُستباح مخالفته ما لم تكن فائدةٌ تُجتنى من وراء المخالفة .
ويبدو في الفصل والاعتراض شَـبَهٌ بالتقديم ، وابن عصـفور يعدُّ الفصل من
التقديم صراحة ، يقول : " وأمَّا تقديم بعض الكلام على بعض فمنه : الفصل
بين المضاف والمضاف إليه " ، ويجعله ابن جنِّي من الحمل على المعنى ، إلاَّ
أنَّه يصله بالتقديم والتأخير لما يبدو في ظاهره منه ؛ إذ " يمكن وصـف
معظم صور الفصل بأنَّها من قبيل التقديم والتأخير للمعمولات " ، لكنَّه
تقديمٌ من نوعٍ آخر ؛ فهو يخضع بالدرجة الأولى لذوق المتكلِّم الَّذي يرى
في تعجيل ورود تركيبٍ ما ضرورةً مُلِحَّة ، فيأتي به قبل تمام فائدة الكلام
الأوَّل .
والفرق الواضح بين الفصـل والتقديم أنَّ التقـديم مرتبطٌ بمبدإ الرتبة ،
حيث يكون لكلٍّ من المقدَّم والمؤخَّر فيه رتبة ، محفوظةً كانت أو غير
محفوظة ، في حين يرتبط الفصل بما هو حُرُّ الرتبة ، ومن أبرز الأمثلة على
ذلك :
الفصل بالظرف وبالجارِّ والمجرور ، اللذَيْن يُتوسَّع فيهما ما لا يُتوسَّع
في غيرهما ، ويكفل النظام النحويُّ لهما حرِّيَّة الحركة بالتقديم
والتأخير .
وما من شكٍّ في أنَّ التركيب الوارد فاصلاً أو معترِضًا يكون غريبًا
وقلِقًا في موضعه من الكـلام ، ولعلَّ هذا ما يجعله بارزًا واضـحًا ، "
يثير الانتباه ، ويلفت التفكـير " ، فتظهر قـيمته البيانيَّة والمعنويَّة
الَّتي عبَّر عنها ابن جـنِّي في باب الاعتراض حيث قال : " والاعتراض في
شـعر العرب ومنثورها كـثيرٌ وحسَن ، ودالٌّ على فصاحة المتكلِّم وقوَّة
نفْسه وامتداد نفَسـه ... " ، وقد أكَّد على كثرته وجريانه مجرى التأكيد
بقوله : " اعلم أنَّ هذا القبيل من هذا العلم كثير ، قد جاء في القرآن
وفصيح الشعر ومنثور الكلام ، وهو جارٍ عند العرب مجرى التأكيد " .
وإنَّما كـان الاعتراض جاريًا مجرى التأكـيد لأنَّه في معناه ، فهو
كـالتنبيه القويِّ للسـامع إلى شيءٍ يريده المتكلِّم ، كدعاءٍ ، أو قسَـمٍ ،
أو قيدٍ بشرطٍ ، أو نفيٍ ، أو وعـدٍ ، أو أمرٍ ، أو نهيٍ ، أو غير ذلك ،
فشـأنه في ذلك شـأن التقديم للأهمِّيَّة .
</blockquote>