بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ
إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
سر العبودية ... !!!
دقائق تتري فتولد ساعات .. وساعات تتوالى فتولد أياماً .. وأياماً تنقضي فتتراكم سنوات .. سنوات هي أعمار .. نقف بين يدى الله نحاسب عليها وعلى ما قدمنا فيها من خير أو شر من سعادة أو شقاء .. ولا خير ولا سعادة إلا من كان مبتغاة وجه الله ، وسعيه رضاه ، وقلبه معلق بالجنة ، فعمل عمل أهلها .. فكانت صوب عينية .. وكانت قبلة قلبه ، وانشراح صدره .. فوجه بوصلة أعماله صوبها .. ووجه دفة حياته نحوها ... فمن كان يعلم ذلك وعمل بما يعلم .. وأيقن أن الحياة الدنيا ممر ومعبر وأن الآخرة مستقر وموطن .. فبمشيئة الله عز وجل .. قد نجــا وفــاز وحــاز ... نجا من النار .. وفاز بالجنة .. وحاز رضا رب العالمين . نسال الله بفضله ورحمته أن يوفقنا أن نكون منهم .
يقف أحدنا أمام نفسه وقفة حساب وعتاب تطالعه عدد المواضيع التى طرحها فى المنتديات ..عشرات وربما مئات ... وعدد الأيام التى قضاها فى ساحات وأروقة وجنبات هذه المنتديات ... مئات وربما آلاف .. وليس هذا هو القصد ... !!
فلا تحسب الأعمال بعددها ، ولا الأيام بطولها .. وأمـــا القصد .. فهو قصد النيـــة .. فالأهم شرط صحتها وقبولها ..... قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) متفق عليه . وهل كانت أوقاتك وأعمالك خالصة لوجه الله تبتغى بها مرضاته ؟؟ .. هذا هو جوهر القصد .. وهو معنى الإخلاص .. فالنية الصادقة والإخلاص عليهما مدار الصحة والقبول وعليهما مدار الدين كله ...
قال ابن حزم: « النية سر العبودية وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب....» . أحكام الأحكام .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: « عندما سئل عن قوله تعالى : ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ﴾ قال : هو أخلص العمل وأصوبه ، قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا ، فالخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة .. ثم قرأ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ الكهف 110 » . مدارج السالكين .
وكان من دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه: « اللهم إجعل عملى كله صالحاً ، واجعله لوجهك خالصاً ، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ... » . وهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه ) النسائى 3140 .
لذلك كانت هذه الوقفة مع النفس .. فتفرقت بى المحاسبة إلى إحساس بشديد تقصير ، وعتاب على تكاسل ، وتأنيب على تفريط ، وجنوح عن الهدف ، فكم من أوقات ضاعت ؟ .. وكم من أعمال طاشت ؟ .. جانبها الإخلاص فلقيت من النفس حظاً .. ومن الدنيا نصيب ..
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا واغفر أيارب ذنبًا قد جنيناه
أخى الحبيب:
« طوبى لمن صحت له خطوة لم يرد بها إلا وجه الله » .. فلا تدخل الرياء فى عملك .. يقول ابن القيم رحمه الله: « العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه » الفوائد 67 . .. واعلم أخى أن قلب من ترائيه بيد من تعصيه .. فلتستجب لدعوتى وموضع حالى .. ولنقف جميعاً مع أنفسنا نحاسبها ...
أما كيف نحاسب أنفسنا: فحساب النفس يكون قبل العمل وبعد العمل ..
فقبل العمل .. يجب أن تقف لترى هــل هذا العمل صحيح أم غير صحيح ؟ .. وهــل الأولى فعله أو تركه ؟ .. وهــل الباعث عليه وجه الله ورضاه أم الجاه والمال والثناء من مخلوق مثلك ؟ ... حتى يتبين لك هل تقدم عليه أم تحجم عنه .
وبعد العمل .. أن تحاسب نفسك على طاعة قصرت فيها .. وتحاسب نفسك على عمل فعلته كان تركه خيراً من فعله .. وتحاسب نفسك على أمر مباح فعلته هل قصدت به الله والدار الآخرة أم قصدت به الدنيا وعاجلها .. مختصر( شرحها وفصلها بتوسع ابن القيم رحمه الله فى إغاثة اللهفان) .
أخى الحبيب:
تذكر أنك مراقب وأن الله عز وجل مطلع على السرائر والضمائر مطلع على ما فى قلبك وجوارحك ومايمر على فكرك وخاطرك .. فعليك ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) البخارى 50 . ...
تذكر عندما تقوم بالعمل فلا تنتظر الشكر والمدح من مخلوق مثلك .. لا تنتظر المحمدة والثناء بل انتظر الثواب والرضا من الله قال تعالى: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ القصص60 . ...
تذكر ألا تنسب الفضل لنفسك بل ارجع الفضل لأهله .. ارجع الفضل والخير والنعمة والكرم والمنة إلى الله أن وفقك وأوقفك على هذا الباب من الخير قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ البقرة 64 . وقال عز وجل: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ المائدة 54 . ...
تذكر التوبة والإستغفار من كل عمل أقدمت عليه أو كلمة قلتها أو ما عملت به يداك ورجلاك فى غير رضا الله ولم تبتغ به وجه الله .. قال ابن عيينة كان من دعاء مطرف بن عبد الله رضى الله عنهما : « اللهم إنى أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه .. وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أوف به لك .. وأستغفرك مما زعمت أنى أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد عملت » ... يقول تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ الفرقان 70 . ...
تذكر أن تخلص نيتك وأن تعوذ بالله وتدعوه أن يجنبك الرياء المفضى إلى الشرك فى النيات والمقاصد ففى الحديث الذى رواه أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس ! اتقوا هذا الشرك ؛ فإنه أخفى من دبيب النمل . فقال له من شاء الله أن يقول : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ! قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ، و نستغفرك لما لا نعلمه ) صحيح الترغيب 36 . ...
تذكر أن تصحح نيتك قبل أى عمل تقدم عليه بأن تجعل نظرك إلى الخالق وأن تداوم النظر إليه وتفرد له عملك وطاعتك وعبادتك وتغض طرفك عن المخلوق .. وما أخالك أخى الحبيب إلا أن تريد لعملك القبول والرضوان .. أن يقبل ويزكى وألا يحبط ويضيع .... يقول تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ الفرقان 23 . ...
وفى الختام أخى الحبيب:
فلا تتقاذفك أمواج الحياة .. فتكون ممن خدعته نفسه وأضله هواه وغرته الأمانى .. تلهيك الدنيا وتغريك بمفاتنها .. فتأخذك فى متاهاتها وعميق يمها السحيق .. فتألف نفسك بعيداً عن بر النجاة .. وقد ودعت مجدافك من زمن بعيد .....
آن لك الآن .. أن تقف .. أن تنتفض .. أن تجمع أمرك كله لله .. أن تنزع حظوظ الدنيا من نفسك .. أن تجعل نيتك فى كل عمل رضا الله .. أن تجعل عملك خالصاً لوجهه الكريم ... أن تشد بيد قوية على مجدافك .. أن توجه بوصلة أعمالك .. أن تحدد دفة حياتك لهدف واحد .. بنية صادقة وإخلاص ثابت .. لوجه الله ورضاه .. فقط لوجه الله ورضاه .
آن لنا الآن ...
نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يرزقنا الإخلاص والنية الصادقة وأن يوفقنا فى قادم الأوقات والأعمال مما فى علمه إن قدر لنا الأجل . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتب :
عبد الرحمن اعتراف
28 ربيع الأول 1432 هـ
لا تنسونا من دعائكم الصالح
قال صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) [ رواه مسلم ] .. قال النووي رحمه الله: "دل بالقول، واللسان، والإشارة، والكتابة"
أتمنى من الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
هذا والله تعالى أجل وأكرم وأعلم .. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
تقـبل الله منـا ومنكـم صالـح الأعمـال
والله الموفق
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ
إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
سر العبودية ... !!!
دقائق تتري فتولد ساعات .. وساعات تتوالى فتولد أياماً .. وأياماً تنقضي فتتراكم سنوات .. سنوات هي أعمار .. نقف بين يدى الله نحاسب عليها وعلى ما قدمنا فيها من خير أو شر من سعادة أو شقاء .. ولا خير ولا سعادة إلا من كان مبتغاة وجه الله ، وسعيه رضاه ، وقلبه معلق بالجنة ، فعمل عمل أهلها .. فكانت صوب عينية .. وكانت قبلة قلبه ، وانشراح صدره .. فوجه بوصلة أعماله صوبها .. ووجه دفة حياته نحوها ... فمن كان يعلم ذلك وعمل بما يعلم .. وأيقن أن الحياة الدنيا ممر ومعبر وأن الآخرة مستقر وموطن .. فبمشيئة الله عز وجل .. قد نجــا وفــاز وحــاز ... نجا من النار .. وفاز بالجنة .. وحاز رضا رب العالمين . نسال الله بفضله ورحمته أن يوفقنا أن نكون منهم .
يقف أحدنا أمام نفسه وقفة حساب وعتاب تطالعه عدد المواضيع التى طرحها فى المنتديات ..عشرات وربما مئات ... وعدد الأيام التى قضاها فى ساحات وأروقة وجنبات هذه المنتديات ... مئات وربما آلاف .. وليس هذا هو القصد ... !!
فلا تحسب الأعمال بعددها ، ولا الأيام بطولها .. وأمـــا القصد .. فهو قصد النيـــة .. فالأهم شرط صحتها وقبولها ..... قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) متفق عليه . وهل كانت أوقاتك وأعمالك خالصة لوجه الله تبتغى بها مرضاته ؟؟ .. هذا هو جوهر القصد .. وهو معنى الإخلاص .. فالنية الصادقة والإخلاص عليهما مدار الصحة والقبول وعليهما مدار الدين كله ...
قال ابن حزم: « النية سر العبودية وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب....» . أحكام الأحكام .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: « عندما سئل عن قوله تعالى : ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ﴾ قال : هو أخلص العمل وأصوبه ، قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا ، فالخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة .. ثم قرأ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ الكهف 110 » . مدارج السالكين .
وكان من دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه: « اللهم إجعل عملى كله صالحاً ، واجعله لوجهك خالصاً ، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ... » . وهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه ) النسائى 3140 .
لذلك كانت هذه الوقفة مع النفس .. فتفرقت بى المحاسبة إلى إحساس بشديد تقصير ، وعتاب على تكاسل ، وتأنيب على تفريط ، وجنوح عن الهدف ، فكم من أوقات ضاعت ؟ .. وكم من أعمال طاشت ؟ .. جانبها الإخلاص فلقيت من النفس حظاً .. ومن الدنيا نصيب ..
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا واغفر أيارب ذنبًا قد جنيناه
أخى الحبيب:
« طوبى لمن صحت له خطوة لم يرد بها إلا وجه الله » .. فلا تدخل الرياء فى عملك .. يقول ابن القيم رحمه الله: « العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه » الفوائد 67 . .. واعلم أخى أن قلب من ترائيه بيد من تعصيه .. فلتستجب لدعوتى وموضع حالى .. ولنقف جميعاً مع أنفسنا نحاسبها ...
أما كيف نحاسب أنفسنا: فحساب النفس يكون قبل العمل وبعد العمل ..
فقبل العمل .. يجب أن تقف لترى هــل هذا العمل صحيح أم غير صحيح ؟ .. وهــل الأولى فعله أو تركه ؟ .. وهــل الباعث عليه وجه الله ورضاه أم الجاه والمال والثناء من مخلوق مثلك ؟ ... حتى يتبين لك هل تقدم عليه أم تحجم عنه .
وبعد العمل .. أن تحاسب نفسك على طاعة قصرت فيها .. وتحاسب نفسك على عمل فعلته كان تركه خيراً من فعله .. وتحاسب نفسك على أمر مباح فعلته هل قصدت به الله والدار الآخرة أم قصدت به الدنيا وعاجلها .. مختصر( شرحها وفصلها بتوسع ابن القيم رحمه الله فى إغاثة اللهفان) .
أخى الحبيب:
تذكر أنك مراقب وأن الله عز وجل مطلع على السرائر والضمائر مطلع على ما فى قلبك وجوارحك ومايمر على فكرك وخاطرك .. فعليك ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) البخارى 50 . ...
تذكر عندما تقوم بالعمل فلا تنتظر الشكر والمدح من مخلوق مثلك .. لا تنتظر المحمدة والثناء بل انتظر الثواب والرضا من الله قال تعالى: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ القصص60 . ...
تذكر ألا تنسب الفضل لنفسك بل ارجع الفضل لأهله .. ارجع الفضل والخير والنعمة والكرم والمنة إلى الله أن وفقك وأوقفك على هذا الباب من الخير قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ البقرة 64 . وقال عز وجل: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ المائدة 54 . ...
تذكر التوبة والإستغفار من كل عمل أقدمت عليه أو كلمة قلتها أو ما عملت به يداك ورجلاك فى غير رضا الله ولم تبتغ به وجه الله .. قال ابن عيينة كان من دعاء مطرف بن عبد الله رضى الله عنهما : « اللهم إنى أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه .. وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أوف به لك .. وأستغفرك مما زعمت أنى أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد عملت » ... يقول تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ الفرقان 70 . ...
تذكر أن تخلص نيتك وأن تعوذ بالله وتدعوه أن يجنبك الرياء المفضى إلى الشرك فى النيات والمقاصد ففى الحديث الذى رواه أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس ! اتقوا هذا الشرك ؛ فإنه أخفى من دبيب النمل . فقال له من شاء الله أن يقول : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ! قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ، و نستغفرك لما لا نعلمه ) صحيح الترغيب 36 . ...
تذكر أن تصحح نيتك قبل أى عمل تقدم عليه بأن تجعل نظرك إلى الخالق وأن تداوم النظر إليه وتفرد له عملك وطاعتك وعبادتك وتغض طرفك عن المخلوق .. وما أخالك أخى الحبيب إلا أن تريد لعملك القبول والرضوان .. أن يقبل ويزكى وألا يحبط ويضيع .... يقول تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ الفرقان 23 . ...
وفى الختام أخى الحبيب:
فلا تتقاذفك أمواج الحياة .. فتكون ممن خدعته نفسه وأضله هواه وغرته الأمانى .. تلهيك الدنيا وتغريك بمفاتنها .. فتأخذك فى متاهاتها وعميق يمها السحيق .. فتألف نفسك بعيداً عن بر النجاة .. وقد ودعت مجدافك من زمن بعيد .....
آن لك الآن .. أن تقف .. أن تنتفض .. أن تجمع أمرك كله لله .. أن تنزع حظوظ الدنيا من نفسك .. أن تجعل نيتك فى كل عمل رضا الله .. أن تجعل عملك خالصاً لوجهه الكريم ... أن تشد بيد قوية على مجدافك .. أن توجه بوصلة أعمالك .. أن تحدد دفة حياتك لهدف واحد .. بنية صادقة وإخلاص ثابت .. لوجه الله ورضاه .. فقط لوجه الله ورضاه .
آن لنا الآن ...
نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يرزقنا الإخلاص والنية الصادقة وأن يوفقنا فى قادم الأوقات والأعمال مما فى علمه إن قدر لنا الأجل . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتب :
عبد الرحمن اعتراف
28 ربيع الأول 1432 هـ
لا تنسونا من دعائكم الصالح
قال صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) [ رواه مسلم ] .. قال النووي رحمه الله: "دل بالقول، واللسان، والإشارة، والكتابة"
أتمنى من الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
هذا والله تعالى أجل وأكرم وأعلم .. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
تقـبل الله منـا ومنكـم صالـح الأعمـال
والله الموفق