فضل من صام ال06 من شوال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منفضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ، ومضاعفة الحسنات ، فالمؤمنيتقلبفي ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات ، فلا يمضي من عمره ساعةإلاولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات ، وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرعفيعبادة أخرى ، ولم يجعل الله حداً لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاءأجلهيقول جل وعلا : {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }( الحجر 92) ، وهذه هيحقيقة الاستقامة التي وعد الله أصحابها بالنجاة ، والفوز بعالي الدرجات ،فقال سبحانه:
{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهمالملائكةألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحنأولياؤكم فيالحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيهاما تدعون *نزلا من غفور رحيم }( فصلت 30- 32) .
ومما منَّالله به على عباده بعد انقضاء شهر الصيام والقيام ، ورتب عليهعظيم الأجروالثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد منالأحاديث منهاما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي اللهعنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
( من صام رمضان ثم أتبعه ستاًمن شوال كان كصيام الدهر ) .
وفي رواية لابن ماجة عن ثوبان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال :
(من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة {من جاء بالحسنة فله عشرأمثالها } ) .
وقد ذكر أهل العلم عدة فوائد ومعانٍ لصيام هذه الأيام الست :
منهاأن العبد يستكمل بصيامها أجر صيام الدهر كله ، وذلك لأن الحسنةبعشرأمثالها فشهر رمضان يعدل عشرة أشهر ، وهذه الست تعدل شهرين ، وقد ثبتذلكفي حديث ثوبان المتقدم عند ابن ماجة وثبت أيضاً في حديث ذكره أبو الشيخفيالثواب ، وصححه الألباني في صحيح الجامع : ( جعل الله الحسنة بعشرأمثالهاالشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعد الشهر تمام السنة ) .
ومنهاأن صيام النفل قبل وبعد الفريضة يكمل به ما يحصل في الفرض من خلل ونقص ،فإن الفرائض تجبر وتكمل بالنوافل يوم القيامة ، كما ثبت ذلك عنالنبي - صلىالله عليه وسلم- من وجوه متعددة .
ومن الفوائد أيضاً أن معاودة الصيامبعد رمضان من علامات القبول ، فإنالله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالحبعده ، كما قال بعضهم : ثواب الحسنةالحسنة بعدها ، فمن عمل حسنة ثم أتبعهابحسنة بعدها كان ذلك علامة علىقبول الحسنة الأولى .
ومنها أنمعاودة الصيام بعد الفطر فيه شكر لله جل وعلا على نعمته بإتمامصيام رمضانومغفرة الذنوب والعتق من النار ، وقد أمر الله سبحانه وتعالىعباده أنيشكروه على هذه النعم العظيمة فقال سبحانه :
{و لتكملوا العدةولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون }( البقرة 185) ، فمن جملة شكرالعبد لربه على توفيقه لصيام رمضان ، وإعانته عليه ، ومغفرة ذنوبه أن يصومله عقب ذلك .
ومنالفوائد كذلك المداومة على فعل الخيرات ، وعدم انقطاع الأعمال التيكانالعبد يتقرب بها إلى ربه في رمضان بانقضاء الشهر ، ولا شك أن أحبالأعمالإلى الله ما داوم عليها صاحبها ، وكان النبي - صلى الله عليهوسلم- إذا عملعملاً أثبته ، وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمله عليهالصلاة والسلامفقالت : (كان عمله ديمة).
ومن أجل هذا المعنى ذم السلف من انقطع عنالعمل الصالح بعد رمضان ، قيللبشر : إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضانفقال : بئس القوم لا يعرفونلله حقاً إلا في رمضان .
فعودُ المؤمن إلىالصيام بعد فطره دليل على مداومته على فعل الخير ، وعدمانقطاعه عن العملالصالح ، إلى غير ذلك من الفوائد والمعاني العظيمة .
وهذه الست ليس لهاوقت محدد من شوال ، بل يصومها المسلم في أي جزء منأجزاء الشهر ، في أوله ،أو في أثنائه أو في آخره ، وله كذلك أن يصومهامتتابعة أو مفرقة ، ولكنالأفضل أن يبادِر إلى صيامها عقب عيد الفطرمباشرة ، وأن تكون متتابعة -كما نص على ذلك أهل العلم - لأن ذلك أبلغ فيتحقيق الإتباع الذي جاء فيقوله - صلى الله عليه وسلم – ( ثم أتبعه ) ،كما أنه من المسابقة إلىالخيرات والمسارعة في الطاعات الذي جاءت النصوصبالترغيب فيه والثناء علىفاعله ، وهو أيضاً من الحزم الذي هو من كمالالعبد ، فإن الفُرص لا ينبغيأن تفوت ، والمرء لا يدري ما يعرض له منشواغل وقواطع تحول بينه وبين العمل، فإن أخرها أو فرَّقها على الشهر حصلتالفضيلة أيضاً .
ومن كانعليه قضاء من شهر رمضان فعليه أن يبدأ بقضاء ما عليه أولاً ، حتىيُحَصِّلالثواب الوارد في الحديث ، وذلك لأن الأجر الوارد لا يَحْصُل إلابعد إكمالعدة رمضان ، لقوله عليه الصلاة والسلام ( من صام رمضان ثم أتبعهستا منشوال ) ، ومن كان عليه أيام من رمضان لا يصدق عليه أنه صام رمضانكاملاً .
ولوفرض أن القضاء استوعب جميع شوال كأن تكون المرأة نفساء ، ولم تصم أييوم منرمضان ، ثم شرعت في قضاء ما عليها في شوال ولم تنته إلا بعد دخولشهر ذيالقعدة ، فإنها تصوم الأيام الستة بعد ذلك ، ويكون لها أجر منصامها فيشوال ، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو متعذر ، فيثبت لها الأجر إنشاء الله .
نسأل الله أن يعيننا على طاعته ، وأن يوفقنا لمرضاته ، وأن يجعلنا من المقبولين في شهر رمضان إنه جواد كريم .