لماذا جعلَ اللهُ زوجاتِ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -أمهاتِ
المؤمنينَ في قولِهِ: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} سورة الأحزاب:6,ولم يجعلِ
النَّبيَّ أباهم في قولِهِ: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} سورة الأحزاب:40 ؟ .
الجَوَابُ:
جعلَ اللهُ-سُبحـانه-زوجاتِ
الرَّسُولِ أُمَّهاتِ المؤمنينَ بقولِهِ: {وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ} الأحزاب : 6، ولا يُقالُ لهن: أمهات المؤمنات,كما روى
البيهقيُّ في سننه عن عائشةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-،وذلك في نطاقٍ خاصٍّ,وليسَ في
كُلِّ الأحوالِ،فيحرمُ التزوجُ منهنَّ بقولِهِ-تعالى-:{وَلَا
أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ
اللَّهِ عَظِيمًا} سورة الأحزاب:53.
فالعِلَّةُ–هنا-هي الزَّوجيةُ
للرسولِ,وليستِ الأُمومةَ،ولسن كالأُمَّهاتِ في النَّظَرِ إليهنَّ والخُلوةِ
معهنَّ، والتَّوارثِ. وفى زواجِ بناتِهنَّ،فقدْ تزوَّج عليٌّ فاطمةَ، وعُثمانُ من
رقيةَ,ثُمَّ مِنْ أُمِّ كُلْثُوم،وهُنَّ بناتُ السَّيدةِ خديجةَ أُمِّ المؤمنينَ.
والرَّسُولُ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ
وسَلَّمَ -ليسَ أباً لأحدٍ من رِجالِ المؤمنينَ،فقد ماتَ أولادُهُ الذُّكورُ منها
قبل التكليفِ بأوامرِ الرِّسالةِ،والآيةُ نَصَّتْ على أنَّهُ ليسَ أباً مِنَ
النَّسَبِ لأيِّ رَجُلٍ مِنَ المؤمنينَ,وإنْ كانَ أباً رُوحياً بالرِّسالةِ
والتَّعليمِ,كَمَا جَاءَ في الحديثِ:" إنما أنا لكـم
مثلُ الوالدِ لولدِهِ "رواه أبو داودَ والنَّسائيُّ وابنُ ماجـه وابنُ
حِبَّانَ عَنْ أبى هُريرةَ ،ورواه أبو يعلى عَنْ عائشةَ،وفى سندِهِ مُصعبُ بنُ
ثابتٍ،وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ,وضَعَّفَهُ جماعةٌ.
وسببُ نزولِ هذه الآيةِ أنَّ
الإسلامَ أبطلَ التَّبنِّي،وكانَ الرَّسُولُ مُتبنياً زيدَ بنَ حارثةَ مِنْ
قبلُ،ولمَّا بطلَ التَّبنِّي,وتزوَّجَ مُطلقتَهُ زينبَ بنتَ جَحْشٍ أَرْجَفَ
الكُفَّارُ,وقالُوا:محمدٌ تزوَّجَ امرأةَ ابنِهِ،فبيَّن اللهُ أنَّ مُحمَّداً ليسَ
أباً مِن النَّسبِ لزيدٍ ولا لأحدٍ مِنْ رجالِ المؤمنينَ،ومِنْ هُنا يصحُّ له أنْ
يتزوَّجَ مُطلقةَ مَنْ تبنَّاهُ،فَهُو ليسَ ابناً لَهُ مِنَ النَّسَب