من طرف راجية رضى الله الإثنين أكتوبر 25, 2010 8:59 am
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)[3]. (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )[4]. ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )[5].
أما بعد : فإن المنهج العلمي في البحث والطرح علامة دالة على حسن المقصد وسلامة الفطرة ونقاء السريرة وهو أمر يفتقده كثير من الكُتّاب في هذا الزمن وذلك ليس بغريب إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذا.
فعن حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا أن الأمانة نزلت في جَذْرِ قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال:( ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوَكْتِ[6]فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المِجَلِّ[7]كجمر دحرجته على رجلك تُراه مُنتبرا وليس فيه شيء قال : ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله قال: فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل ما أجلده وأظرفه وأعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان )[8] متفق عليه.
وكم حاول المبتدعة في سائر العصور الاسلام من أن يشككوا في عدالة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأن يرموا علماء الأمة الفحول بكل نقيصة ولكن(إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)[9]فما يكتب مبتدع أو ضال إلا كشف الله باطله وردّ كيده في نحره فالحمد لله أولا وآخرا.
فترى أولئك الضُلال يموِّهون ويخدعون ويكذبون ويٌحرفون وهذه بضاعتهم ( ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور ) [10].
فإذا بالسذج الجهلة وبالهمج الرعاء الذين يتبعون كل ناعق يُتابعون أهل الأهواء ويُسلِّمون بكلامهم اكتفاء بما قال أسيادهم – وما علموا حال أسيادهم أو علموا وتعاموا – دون البحث عن الحق ومعرفة صدقهم من كذبهم . وقد كتب أحد المُتعالِمين بعض الكتب[11]التي يطعن فيها بأهل الحق ولم يلتزم الصدق في نقله كعادة سَلَفه فباء بالخسران عند ربه إن لم يتب وبالفضيحة في دنياه.
وقد كتبت كتابي هذا لبيان مدى كذب هذا الرجل وتعدّيه ولم أقصد الرد المفصل على كل ما يقول ولكن أردت فقط أن أبين أن هذا الرجل كذّاب في ما يّدعي . وفد سألنا عنه علماء تونس[12]فما عرفوه ولا سمعوا به وهو يتبجح ويقول إنه كان من علماء تونس.
سألنا عن ثُمـالة كل حيٍّ فقال القائلون ومن ثُمالة؟
فقلت محمد بن يزيد منهم فقالوا زِدتنا بهم جـهالة
وقد قصدت وجه الله تعالى في الذب عن دينه وليس يضرني إن شاء الله ظهور شيء من التقصير ومعرفة أهل العلم ما فيَّ من النقص لاعترافي أّني لست من فرسان هذا الميدان.
ولكني لم أجد من يسد الثغرة ويتفرغ للرد على هذا الأفّاك.
فتصديت لذلك من غير إعجاب ومن عَدِمَ الماء تيمَمَّ التراب.
وكلامي يحتمل الخطأ والصواب فليس هم مثل كلام رب الأرباب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا من كلام المعصوم صلوات الله عليه وسلامه. فإن أخطأت فَمَن غيرُ الأنبياء عُصِم وإن أخطأت فمن الذي ما وُصِم. فمن وجد شيئا من الخطأ فليدلنا عليه لأن القاصد لوجه الله يحب الحق من حيث أتاه ويقبل الهدى ممن هداه وإن كان مَن يرد كلمي لاتباع هوى فلا حيلة لي معه وهل يستقيم الظلّ والعُود أعوج.
( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) [13].
هذا وأسال الله العلي القدير أن يتقبّل عملي هذا ويجعله خالصا لوجهه كما أسأله تعالى أن يهدي أبناء المسلمين من الشيعة إلى الحق متى تبيَّنوا كذب أسيادهم وعلمائهم وتجنيهم على الحق. ( فأما الزبد فيذهب جُفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) [14].
والقصد تنبيه ذوِي الأفهام الذين يُغنيهم القليل عن التكثير والإيجاز عن البسط والتطويل، فزِنِ الكلام بميزان الاعتدال والإنصاف وأعط كلّ ذي حق حقّه. فإن الله سبحانه وتعالى قال: ( والسماء رفعها ووضع الميزان * ألاّ تطغوا في الميزان* وأقيموا الوزن بالقسط ولا تُخسروا الميزان ) [15].
ولا تكتب بكَفِّك غير شيء يَسُرُّك في القيامة أن تراه
وأنا أعجب ولا ينتهي العجب لماذا يكذب الإنسان ؟ لماذا لا يّتبع الحق؟ لماذا لا يواجه الحجّة بالحجّة؟أسئلة كثيرة وإجابات شحيحة بل معدومة.
وقد ذكر الشيخ المُعَلِّمي في كتابه الفذّ ( القائد إلى تصحيح العقائد ) أسبابا كثيرة تمنع الإنسان من اتّباع الحق ومخالفة الهوى ومنها:
1-أن يرى الإنسان أن اعترافه بالحق يستلزم اعترافه بأنه كان على باطل فيشقّ عليه ذلك.
2-أن يرى الإنسان قد صار له في الباطل جاه وشهرة ومعيشة فيشق عليه أن يعترف بأنه باطل فتذهب تلك الفوائد.
3-الكِبْر فيرى أن اعترافه بالحق يعني اعترافه بأنه كان ناقصا وأن هذا الرجل هو الذي هداه.
4-أن يكون عاجزا عن تقبّل الصدمة وتضعف إرادته عن اتخاذ القرار فإنه يتبن له أن آبائه وأجداده وشيوخه وعلمائه الذين كان يُطريهم ويُعظمهم ويذب عنهم كانوا على خلاف الحق وأن الذين يُحقّرهم ويسخر منهم وينسبهم إلى الجهل والضلال والكفر هم المحقّون.
وعلاج هذا أن يجعل الإنسان نُصب عينيه الأمور التالية:
1-أن يفكر في شرف الحق وضَعَة الباطل.
2-أن يقارن بين نعيم الدنيا الزائل ورضوان رب العالمين ونعيم الآخرة.
3-أن يأخذ نفسه بخلاف هواها فيما يتبين له.
4-أن يسعى في التمييز بين معدن الحجج ومعدن الشبهات.
5-أن يوطن نفسه على أن لا يكون إمّعة إن أحسن الناس أحسن وإن أساؤا أساء بل إن احسن الناس أحسن وإن أساؤا لا يُسيء.
6-أن يكثر من دعاء الله أن يُريه الحق حقا ويرزقه اتّباعه وأن يُريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه.
وأخيرا كما قال الإمام المعلمي رحمه الله تعالى:
ما كان ما كان عن حب لمَحْمَدَةٍ ولم نُرد سُمعة بالبحـث والجدل
لكنما الحق أولى أن نُعظـــّمه من الـخداع بقول غـير معتدل
ولا أحب لكم إلا الصـواب كما لأحبه وهو من خـير المقاصد لي
فَظُنَّ خيرا كظني فيك محتــملا ما كان أثناء نصر الحق من خطل
فإنما غضبي للحق حيــث أرى إعراضــكم عنه تعليلا بلا علل
وقد علمتم الصـواب في محاورتي والحمــد لله رب السهل والجبل[16]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ملاحظة:التزمت في ردي على الطبعات التي ذكرتها من كتب التيجاني لأنه من قبح عمله أنه يطبع الكتاب أكثر من مرة ويغير الصفحات وبين يدي ثلاث طبعات لكتاب ثم اهتديت واحدة فقط عليها سنة الطبع وهي التي التزمتها.
ــــــــــــــ
[3] آل عمران آية 102.
[4] النساء آية 1.
[5] الأحزاب 70-71.
[6] قال الأصمعي: الوكت أثر الشيء اليسير منه : فتح الباري 11/341.
[7] إذا ظهر في الجلد ما يشبه البثر : النهاية في غريب الحديث4/300.
[8] فتح الباري-كتاب الرقائق-باب رفع الأمانةرقم6497و مسلم-الايمان230.
[9] الفجر آية 14.
[10] النور آية 40.
[11] وهذه الكتب هي : ثم اهتديت، فاسألوا أهل الذكر ، لأكون مع الصادقين ، الشيعة هم أهل السنة.
[12] سألنا الشيخ الفاضل محمد الشاذلي فقال: إنه لا ُيعرف عندنا ، سألنا عنه كثيرا في تونس فلم يعرفه أحد.
[13] الجاثية آية23.
[14] الرعد آية71.
[15] الرحمن آية 8-10.
[16] تحريف النصوص14.