حتى تجمع مليون في رمضان
ابو هشام النجدي
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين " وما أنفقتم من شيء فإن الله يخلفه " والقائل " وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " .
والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين أسوة المؤمنين ، وإمام المتقين ، ورحمة العالمين القائل :" أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا" والقائل : " ما من يوم يصبح العباد فيه ، إلا وملكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفا " رواه الشيخان .
أما بعد .......
فإن الإنفاق وبذل المال من أجل الطاعات وأفضل القربات ، التي ترضي رب الأرض و السموات ، ويتوصل بها إلى تحصيل الحسنات وتكفير السيئات ،وبلوغ الجنات قال الله عز وجل :" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله"
وقال أيضا :" وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء "
أخي الحبيب : دعني أهمس في أذنك بشيء أستحلفك بالله لو وعدك أحد الأثرياء أو الكبراء فقال لك : يا فلان أعط فلانا كذا وكذا من مالك وتعال غدا وأنا أعطيك أفضل منه .هل تراك تتأخر لحظة عن إجابة هذه الدعوة ؟ لا والله ، فما بالك إذا كان الذي وعدك هو الله عز وجل ذي الجلال والإكرام حيث يقول في كتابه الكريم :" وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"
وقال :" من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم "
فأي حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد ، وأنه يتعامل مع مالك الوجود ؟ وأن ما ينفقه مخلف عليه مضاعفا ، وأن له بعد ذلك كله أجرا كريما ؟ ومجرد تصور المسلم بأنه هو الفقير الضئيل يقرض الله ، كفيل بأن يطير به إلى البذل طيرانا ...
فياعباد الله : هلموا هلموا بأموالكم بارك الله فيكم لتدخلوا السرور والبهجة في قلوب الحيارى والبؤساء فمن يعطيهم سواكم ، فأموالكم اليوم بأيديكم ولا تدرون إذا جن الليل هل ستبقى معكم أو تنتقل إلى ورثتكم ، ولا تدري يا أخي إذا بخلت اليوم بمالك فربما ذهبت إلى البيت فتجد أن جائحة قد اجتاحت مالك فذهبت به فتصبح كسير النفس محتاجا فبادر بالخير يبارك الله لك وابذل ما عندك يحفظك الله في مالك وأهلك وولدك.
عباد الله : من منا قرأ واستشعر قول الله عز وجل :" وسيتجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى "
ماذا ينتظر هذا الأتقى ، الذي يؤتى ماله تطهرا ، وابتغاء وجه ربه الأعلى ؟
إنه " ولسوف يرضى " ... يرضى بدينه ... يرضى بربه ... ويرضى بقدره، يرضى فلا يقلق ولا يضيق ولا يستعجل ولا يستثقل العبء ولا يستبعد الغاية ... إن هذا الرضى جزاء - جزاء أكبر من كل جزاء - جزاء يستحقه من يبذل لله نفسه وماله ، من يعطي ليتزكى ، ومن يبذل ابتغاء وجه ربه الأعلى .
وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم , فيما يرويه عن ربه عز وجل :"يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟. قال: يارب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه , أما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ,ابن آدم استسقيتك فلم تسقني؟. قال: يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه , أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي , ابن آدم مرضت فلم تعدني ؟, فقال: يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال :أما إن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ,أما لو عدته لوجدتني عنده " أخرجه مسلم .
وماروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم :" لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتكفاَ , فأرساها بالجبال , فاستقرت فتعجبت الملائكة من شدة الجبال .
فقالت: ياربنا ,هل خلقت خلقاَ أشد من الجبال ؟ قال : نعم، الحديد , قالوا : يارب، فهل خلقت خلقا أشد من الحديد ؟ قال : نعم ، النار ؛ قالوا : يارب فهل خلقت خلقا أشد من النار ؟ قال : نعم ، الماء . قالوا: يارب فهل خلقت خلقا أشد من الماء ؟ قال: نعم ، الريح . قالوا : يارب ، فهل خلقت خلقاَ أشد من الريح ؟ قال : نعم ، ابن أدم إذا تصدق بصدقه بيمينه فأخفاها عن شماله ".
وقال رسول صلى الله عليه وسلم :" أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً,أو تقضي عنه ديناً ,أو تطعمه خبزاً"
وقال أيضاً "كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس ".
وقال عمر بن الخطاب أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم يوماَ أن نتصدق فوافق ذلك مالاً عندي ، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً ، فجئت بنصف مالي ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " ما أبقيت لأهلك ؟ فقلت : مثله ، قال : وأتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله . فقلت لا أسابقك إلى شيء أبداً "
أخي الكريم : لا تنهر سائلاَ ، فلو عرفت ما يحمله لك من الخير لحملته في فؤادك ، لا على رأسك فقد كان سفيان الثوري – رحمه الله - ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه ويقول : مرحباً بمن جاء ليغسل ذنوبي . وكان الفضيل بن عياض يقول : يحملون أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة ، حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله تعالى . واسمع أيضاَ إلى قول يحيى بن معاذ : ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا الحبة من الصدقة . وقول عمر بن عبد العزيز : الصلاة تبلغك نصف الطريق , والصوم يبلغك باب الملك , والصدقة تدخلك عليه .
ولله در عبد الرحمن بن الحارث الذي ورث مالاً فبعث بها سراً إلى إخوانه وقال : قد كنت أسأل لهم الجنة في صلاتي ، أفأبخل عليهم بالدنيا .
وقال عبيد بن عمير : يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط ، وأعطش ما كانوا قط ، وأعرى ما كانوا قط ، فمن أطعم لله أشبعه الله ، ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ,ومن كسا لله كساه الله .
واعلم أخي الكريم بأن المعروف لا يتم إلا بثلاثة أمور : تصغيره وتعجيله وستره .
فقد كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل ، فيتصدق به ويقول : إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل .
وقال عمر بن ثابت : لما مات علي بن الحسين فغسلوه ، جعلوا ينظرون إلى آثار سواد بظهره ، فقالوا : ما هذا ؟ فقيل : كان يحمل جراب الدقيق ليلاَ على ظهره ، يعطيه فقراء أهل المدينة .
وقد سبق في علمنا أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات .
وأذكر لك قصة من واقعنا المعاصر ذكرها أحد علمائنا فيقول – حفظه الله - : كان هناك رجل كتب الله عليه أن يصاب بمرض السرطان فأخذ يسافر هنا وهناك حتى قيل له : أن حياتك ميؤوس منها .....
وعندما كان في إحدى مراجعاته في المستشفى وجد كلباَ يلهث من شدة العطش وكان معه ملء فسقى الكلب ، وعندما جاء موعد المراجعة الأخرى،استغرب الطبيب وفاجأه بأن السرطان قد اختفى 40 %
من جسمه وبعد أسبوعين اختفى بمقدار 60% وهو الآن في أتم الصحة والعافيه والحمد لله ...
وقصة أخرى حدثت لإحدى الأخوات في الجامعة ... قد حصل لها بعض الإشكاليات مع الجامعة وتم حذف الكثير من مكافآتها ، وفي إحدى المرات كانت في عملها وكان في شدة الصيف خرجت من عملها – وهو في المستشفى – لتشتري لها ماء فوجدت أمامها امرأة مع ابنتها الصغيرة قد كتب لها الخروج من المستشفى وكانت الصغيرة من شدة فقرهم لا تلبس الحذاء .فقالت الأخت : يارب إنك تعلم أني لا أملك غير هذه الخمسة ريالات وقد قدمتها الصغيرة على نفسي ....
فأعطتها إياها وعادت أدراجها . وفي اليوم التالي اتصل مدير الجامعة بالدكتور المشرف عليها وطلب منه أن يبلغها أن مدير الجامعة يريد منها الحضور لمقر العمادة بنفسها .. فأبلغها الطبيب ذلك فرفضت ,, وفي اليوم الذي يليه رفضت لهم طلبهم مرة أخرى وعندما ذهبت في اليوم الرابع أعطاها المدير شيك بـ 125 ألف ريال .... وأختم بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ( استنزلو الرزق بالصدقة ).
فجزى الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما أرشدنا بقوله لبلال :" يا بلال أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا"
نعم أخي أنفق أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب . وارحم من في الأرض يرحمك من في السماء ..
أخي الكريم : وبعد سماعك لهذه الكلمات من الآيات والأحاديث والآثار ما عساك أنك فاعل بنفسك ... هل سوف تري الله في نفسك خيراً ...
المصدر:صيد الفوائد
ابو هشام النجدي
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين " وما أنفقتم من شيء فإن الله يخلفه " والقائل " وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " .
والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين أسوة المؤمنين ، وإمام المتقين ، ورحمة العالمين القائل :" أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا" والقائل : " ما من يوم يصبح العباد فيه ، إلا وملكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفا " رواه الشيخان .
أما بعد .......
فإن الإنفاق وبذل المال من أجل الطاعات وأفضل القربات ، التي ترضي رب الأرض و السموات ، ويتوصل بها إلى تحصيل الحسنات وتكفير السيئات ،وبلوغ الجنات قال الله عز وجل :" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله"
وقال أيضا :" وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء "
أخي الحبيب : دعني أهمس في أذنك بشيء أستحلفك بالله لو وعدك أحد الأثرياء أو الكبراء فقال لك : يا فلان أعط فلانا كذا وكذا من مالك وتعال غدا وأنا أعطيك أفضل منه .هل تراك تتأخر لحظة عن إجابة هذه الدعوة ؟ لا والله ، فما بالك إذا كان الذي وعدك هو الله عز وجل ذي الجلال والإكرام حيث يقول في كتابه الكريم :" وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"
وقال :" من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم "
فأي حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد ، وأنه يتعامل مع مالك الوجود ؟ وأن ما ينفقه مخلف عليه مضاعفا ، وأن له بعد ذلك كله أجرا كريما ؟ ومجرد تصور المسلم بأنه هو الفقير الضئيل يقرض الله ، كفيل بأن يطير به إلى البذل طيرانا ...
فياعباد الله : هلموا هلموا بأموالكم بارك الله فيكم لتدخلوا السرور والبهجة في قلوب الحيارى والبؤساء فمن يعطيهم سواكم ، فأموالكم اليوم بأيديكم ولا تدرون إذا جن الليل هل ستبقى معكم أو تنتقل إلى ورثتكم ، ولا تدري يا أخي إذا بخلت اليوم بمالك فربما ذهبت إلى البيت فتجد أن جائحة قد اجتاحت مالك فذهبت به فتصبح كسير النفس محتاجا فبادر بالخير يبارك الله لك وابذل ما عندك يحفظك الله في مالك وأهلك وولدك.
عباد الله : من منا قرأ واستشعر قول الله عز وجل :" وسيتجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى "
ماذا ينتظر هذا الأتقى ، الذي يؤتى ماله تطهرا ، وابتغاء وجه ربه الأعلى ؟
إنه " ولسوف يرضى " ... يرضى بدينه ... يرضى بربه ... ويرضى بقدره، يرضى فلا يقلق ولا يضيق ولا يستعجل ولا يستثقل العبء ولا يستبعد الغاية ... إن هذا الرضى جزاء - جزاء أكبر من كل جزاء - جزاء يستحقه من يبذل لله نفسه وماله ، من يعطي ليتزكى ، ومن يبذل ابتغاء وجه ربه الأعلى .
وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم , فيما يرويه عن ربه عز وجل :"يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟. قال: يارب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه , أما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ,ابن آدم استسقيتك فلم تسقني؟. قال: يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه , أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي , ابن آدم مرضت فلم تعدني ؟, فقال: يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال :أما إن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ,أما لو عدته لوجدتني عنده " أخرجه مسلم .
وماروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم :" لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتكفاَ , فأرساها بالجبال , فاستقرت فتعجبت الملائكة من شدة الجبال .
فقالت: ياربنا ,هل خلقت خلقاَ أشد من الجبال ؟ قال : نعم، الحديد , قالوا : يارب، فهل خلقت خلقا أشد من الحديد ؟ قال : نعم ، النار ؛ قالوا : يارب فهل خلقت خلقا أشد من النار ؟ قال : نعم ، الماء . قالوا: يارب فهل خلقت خلقا أشد من الماء ؟ قال: نعم ، الريح . قالوا : يارب ، فهل خلقت خلقاَ أشد من الريح ؟ قال : نعم ، ابن أدم إذا تصدق بصدقه بيمينه فأخفاها عن شماله ".
وقال رسول صلى الله عليه وسلم :" أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً,أو تقضي عنه ديناً ,أو تطعمه خبزاً"
وقال أيضاً "كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس ".
وقال عمر بن الخطاب أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم يوماَ أن نتصدق فوافق ذلك مالاً عندي ، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً ، فجئت بنصف مالي ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " ما أبقيت لأهلك ؟ فقلت : مثله ، قال : وأتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله . فقلت لا أسابقك إلى شيء أبداً "
أخي الكريم : لا تنهر سائلاَ ، فلو عرفت ما يحمله لك من الخير لحملته في فؤادك ، لا على رأسك فقد كان سفيان الثوري – رحمه الله - ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه ويقول : مرحباً بمن جاء ليغسل ذنوبي . وكان الفضيل بن عياض يقول : يحملون أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة ، حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله تعالى . واسمع أيضاَ إلى قول يحيى بن معاذ : ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا الحبة من الصدقة . وقول عمر بن عبد العزيز : الصلاة تبلغك نصف الطريق , والصوم يبلغك باب الملك , والصدقة تدخلك عليه .
ولله در عبد الرحمن بن الحارث الذي ورث مالاً فبعث بها سراً إلى إخوانه وقال : قد كنت أسأل لهم الجنة في صلاتي ، أفأبخل عليهم بالدنيا .
وقال عبيد بن عمير : يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط ، وأعطش ما كانوا قط ، وأعرى ما كانوا قط ، فمن أطعم لله أشبعه الله ، ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ,ومن كسا لله كساه الله .
واعلم أخي الكريم بأن المعروف لا يتم إلا بثلاثة أمور : تصغيره وتعجيله وستره .
فقد كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل ، فيتصدق به ويقول : إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل .
وقال عمر بن ثابت : لما مات علي بن الحسين فغسلوه ، جعلوا ينظرون إلى آثار سواد بظهره ، فقالوا : ما هذا ؟ فقيل : كان يحمل جراب الدقيق ليلاَ على ظهره ، يعطيه فقراء أهل المدينة .
وقد سبق في علمنا أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات .
وأذكر لك قصة من واقعنا المعاصر ذكرها أحد علمائنا فيقول – حفظه الله - : كان هناك رجل كتب الله عليه أن يصاب بمرض السرطان فأخذ يسافر هنا وهناك حتى قيل له : أن حياتك ميؤوس منها .....
وعندما كان في إحدى مراجعاته في المستشفى وجد كلباَ يلهث من شدة العطش وكان معه ملء فسقى الكلب ، وعندما جاء موعد المراجعة الأخرى،استغرب الطبيب وفاجأه بأن السرطان قد اختفى 40 %
من جسمه وبعد أسبوعين اختفى بمقدار 60% وهو الآن في أتم الصحة والعافيه والحمد لله ...
وقصة أخرى حدثت لإحدى الأخوات في الجامعة ... قد حصل لها بعض الإشكاليات مع الجامعة وتم حذف الكثير من مكافآتها ، وفي إحدى المرات كانت في عملها وكان في شدة الصيف خرجت من عملها – وهو في المستشفى – لتشتري لها ماء فوجدت أمامها امرأة مع ابنتها الصغيرة قد كتب لها الخروج من المستشفى وكانت الصغيرة من شدة فقرهم لا تلبس الحذاء .فقالت الأخت : يارب إنك تعلم أني لا أملك غير هذه الخمسة ريالات وقد قدمتها الصغيرة على نفسي ....
فأعطتها إياها وعادت أدراجها . وفي اليوم التالي اتصل مدير الجامعة بالدكتور المشرف عليها وطلب منه أن يبلغها أن مدير الجامعة يريد منها الحضور لمقر العمادة بنفسها .. فأبلغها الطبيب ذلك فرفضت ,, وفي اليوم الذي يليه رفضت لهم طلبهم مرة أخرى وعندما ذهبت في اليوم الرابع أعطاها المدير شيك بـ 125 ألف ريال .... وأختم بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ( استنزلو الرزق بالصدقة ).
فجزى الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما أرشدنا بقوله لبلال :" يا بلال أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا"
نعم أخي أنفق أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب . وارحم من في الأرض يرحمك من في السماء ..
أخي الكريم : وبعد سماعك لهذه الكلمات من الآيات والأحاديث والآثار ما عساك أنك فاعل بنفسك ... هل سوف تري الله في نفسك خيراً ...
المصدر:صيد الفوائد