من الشبه التي أثارها أعداء الإسلام والمسلمين ، وروَّجوا لها كثيراً بهدف تشويه شخصية نبينا ومصطفانا محمدٍ (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) ، للوصول إلى الطعن في دعوته ، وإبعاد الناس عنها ، ما يدَّعونه من أنه كان صاحب مطامع دنيوية ، لم يكن يظهرها في بداية دعوته في مكة ، ولكنه بعد هجرته إلى المدينة بدأ يعمل على جمع الأموال والغنائم من خلال الحروب التي خاضها هو وأصحابه ، ابتغاء تحصيل مكاسب مادية وفوائد معنوية . وممن صرح بذلك "دافيد صمويل مرجليوت " المستشرق الإنجليزي اليهودي ، حيث قال : "عاش محمد هذه السنين الست بعد هجرته إلى المدينة على التلصص والسلب والنهب ...وهذا يفسر لنا تلك الشهوة التي أثرت على نفس محمد ، والتي دفعته إلى شن غارات متتابعة ، كما سيطرت على نفس الإسكندر من قبل ونابليون من بعد " .
فنقول:
بأن الناظر بعين البصيرة في سيرته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) بعين العقل والبصيرة ، والمتأمل في تاريخ دعوته، يعلم علم اليقين أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) لم يكن يسعى من وراء كل ما قام به إلى تحقيق أي مكسب دنيوي، يسعى إليه طلاب الدنيا واللاهثون وراءها ، فسبحان الله كيف تحكمون!!
وهذا رد إجمالي على هذه الشبهة، أما الرد التفصيلي فبيانه فيما يلي :
1. أن ما ذُكر في هذه الشبهة لا يوجد عليه دليلٌ في واقع حياة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) ، إذ لو كان كما قيل لعاش عيش الملوك ، في القصور والبيوت الفارهة ، ولاتخذ من الخدم والحرس والحشم ما يكون على المستوى المتناسب مع تلك المطامع المزعومة ، بينما الواقع يشهد بخلاف ذلك، إذ كان في شظف من العيش، مكتفياً بما يقيم أود الحياة ، وكانت هذه حاله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) منذ أن رأى نور الحياة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.. ، يشهد لهذا أنّ بيوته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كانت عبارة عن غرف بسيطة لا تكاد تتسع له ولزوجاته . وكذلك الحال بالنسبة لطعامه وشرابه ، فقد كان يمر عليه الشهر والشهران لا توقد نارٌ في بيته ، ولم يكن له من الطعام إلا الأسودان - التمر والماء- ، فعن عائشة (رَضِيَ اللهُ عَنْهُا) قالت لعروة : ( ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) نارٌ، فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان، التمر والماء ) مسلم: كتاب الزهد والرقائق (4/2286 وسيرته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) حافلة بما يدل على خلاف ما يزعمه الزاعمون
2. ثم إن هذه الشبهة تتناقض مع الزهد الذي عُرف به النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) ، وحث عليه أصحابه ، فقد صح عنه أنه قال : (( إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها )) رواه الإمام البخاري باب الصدقة على اليتامى (2/532) ، وقرن في التحذير بين فتنة الدنيا وفتنة النساء ، فقال (عليه الصلاة والسلام) : (( إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء )) رواه مسلم باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء (4/2098) .
فالدنيا حلوة خضرة أي مشتهاة مونقة تعجب الناظرين فمن استكثر منها أهلكته كالبهيمة إذا أكثرت من رعي الزرع الأخضر أهلكها ففي تشبيه الدنيا بالخضرة التي ترعاها الأنعام إشارة إلى أن المستكثر منها كالبهائم فعلى العاقل القنع بما تدعو الحاجة منها وتجنب الإفراط والتفريط في تناولها فإنه مهلك وهذا الحديث رواه مسلم بزيادة ولفظه (الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) ا.هـ بنصه والاستخلاف إقامة الغير مقام النفس أي جعل الله الدنيا مزينة لكم ابتلاء لكم فينظر هل تتصرفون فيها بغير ما يرضاه وقوله فاتقوا أي احذروا من الاغترار بما فيها فإنه في وشيك الزوال واحذروا النساء فيض القدير عبد الرؤوف المناوي (3/544) قلت : فهذا هو كلام النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) فهل يجدر بعاقل بعد هذا الذم الصريح للدنيا أن يقول أن النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كان يحب الدنيا أو الغنائم فسبحان الله كيف تحكمون .
3. ومما يدحض هذه الشبهة وينقضها من أساسها أن أهل مكة عرضوا على رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) المال والملك والجاه من أجل أن يتخلى عن دعوته ، فرفض ذلك كله ، وفضل أن يبقى على شظف العيش مع الاستمرار في دعوته ، ولو كان من الراغبين في الدنيا لما رفضها وقد أتته من غير عناء
4. أنّ الوصايا التي كان يزود بها قواده تدل على أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) لم يكن طالب مغنم ولا صاحب شهوة، بل كان هدفه الأوحد والوحيد إبلاغ دين الله للناس ، وإزالة العوائق المعترضة سبيل الدعوة ، فها هو (عليه الصلاة والسلام) يوصي معاذ بن جبل (رضي الله عنه) عندما أرسله إلى اليمن بقوله :
(( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم ، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم ، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس )) رواه الإمام البخاري باب ما جاء في دعاء النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (6/2685) . فهو (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) لم يقاتل أحداً ، قبل دعوته إلى الإسلام ، الذي تصان به الدماء والحرمات
5. ومما يُرد به على هذه الفرية أن رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) قد ارتحل من الدنيا ولم يكن له فيها إلا أقل القليل ، ففي الصحيح عن عمرو بن الحارث قال : ( ما ترك رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) عند موته درهماً ، ولا ديناراً ، ولا عبداً ، ولا أمة ، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء ، وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة ) رواه الإمام البخاري –كتاب الوصايا-باب الوصايا وقول النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) وصية الرجل مكتوبة عنده (3/1005)
وعن عائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قالت : ( توفي رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد ، إلا شطر شعير في رف لي ) البخاري-باب فضل الفقر (5/2370)
6. وكما قيل : فإن الحق ما شهدت به الأعداء ، فقد أجرى الله على ألسنة بعض عقلاء القوم عبارات تكذب هذه الشبهة ، من ذلك ما قاله "كارليل" : "أيزعم الكاذبون أن الطمع وحب الدنيا هو الذي أقام محمداً وأثاره ، حمق وأيـم الله ، وسخافة وهوس " . ويقول : "لقد كان زاهداً متقشفاً في مسكنه ، ومأكله ، ومشربه ، وملبسه ، وسائر أموره وأحواله ...فحبذا محمد من رجل خشن اللباس ، خشن الطعام ، مجتهد في الله ، قائم النهار ، ساهر الليل ، دائباً في نشر دين الله ، غير طامع إلى ما يطمع إليه أصاغر الرجال ، من رتبة ، أو دولة ، أو سلطان ، غير متطلع إلى ذكر أو شهوة " .
7. وما زعمه المستشرقُ اليهوديُّ "مرجليوت" من أنَّ انتقامَ رسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) من يهودِ المدينةِ كان لأسباب مصطنعة وغير كافية، فجوابه أن الواقع خلاف ذلك، إذ أبرم النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) مع اليهود معاهدة تقرهم على دينهم، وتؤمنهم في أنفسهم وأموالهم ، بل تكفل لهم نصرة مظلومهم ، وحمايتهم ، ورعاية حقوقهم ، ولم يكن في سياسته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) إبعادهم ، ومصادرة أموالهم إلا بعد نقضهم العهود والمواثيق ، ووقوعهم في الخيانة والمؤامرة
وخلاصة القول :
نؤكد بأنه لا حُجَّة لمن يدعي أنَّ النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كان صاحب مطامع دنيوية ، يحرص عليها ، ويسعى في تحصيلها ، وإنما هي دعوة صالحة نافعة ، تعود بالخير على متبعيها في الدنيا والآخرة ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والله تعالى أعلم ,والحمد لله رب العالمين .
من أهم المصادر والمراجع:
1. فيض القدير عبد الرؤوف المناوي (3/544)
2. موقع ابن مريم على شبكة الإنترنت ((http://www.ebnmaryam.com/)
فنقول:
بأن الناظر بعين البصيرة في سيرته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) بعين العقل والبصيرة ، والمتأمل في تاريخ دعوته، يعلم علم اليقين أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) لم يكن يسعى من وراء كل ما قام به إلى تحقيق أي مكسب دنيوي، يسعى إليه طلاب الدنيا واللاهثون وراءها ، فسبحان الله كيف تحكمون!!
وهذا رد إجمالي على هذه الشبهة، أما الرد التفصيلي فبيانه فيما يلي :
1. أن ما ذُكر في هذه الشبهة لا يوجد عليه دليلٌ في واقع حياة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) ، إذ لو كان كما قيل لعاش عيش الملوك ، في القصور والبيوت الفارهة ، ولاتخذ من الخدم والحرس والحشم ما يكون على المستوى المتناسب مع تلك المطامع المزعومة ، بينما الواقع يشهد بخلاف ذلك، إذ كان في شظف من العيش، مكتفياً بما يقيم أود الحياة ، وكانت هذه حاله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) منذ أن رأى نور الحياة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.. ، يشهد لهذا أنّ بيوته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كانت عبارة عن غرف بسيطة لا تكاد تتسع له ولزوجاته . وكذلك الحال بالنسبة لطعامه وشرابه ، فقد كان يمر عليه الشهر والشهران لا توقد نارٌ في بيته ، ولم يكن له من الطعام إلا الأسودان - التمر والماء- ، فعن عائشة (رَضِيَ اللهُ عَنْهُا) قالت لعروة : ( ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) نارٌ، فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان، التمر والماء ) مسلم: كتاب الزهد والرقائق (4/2286 وسيرته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) حافلة بما يدل على خلاف ما يزعمه الزاعمون
2. ثم إن هذه الشبهة تتناقض مع الزهد الذي عُرف به النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) ، وحث عليه أصحابه ، فقد صح عنه أنه قال : (( إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها )) رواه الإمام البخاري باب الصدقة على اليتامى (2/532) ، وقرن في التحذير بين فتنة الدنيا وفتنة النساء ، فقال (عليه الصلاة والسلام) : (( إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء )) رواه مسلم باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء (4/2098) .
فالدنيا حلوة خضرة أي مشتهاة مونقة تعجب الناظرين فمن استكثر منها أهلكته كالبهيمة إذا أكثرت من رعي الزرع الأخضر أهلكها ففي تشبيه الدنيا بالخضرة التي ترعاها الأنعام إشارة إلى أن المستكثر منها كالبهائم فعلى العاقل القنع بما تدعو الحاجة منها وتجنب الإفراط والتفريط في تناولها فإنه مهلك وهذا الحديث رواه مسلم بزيادة ولفظه (الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) ا.هـ بنصه والاستخلاف إقامة الغير مقام النفس أي جعل الله الدنيا مزينة لكم ابتلاء لكم فينظر هل تتصرفون فيها بغير ما يرضاه وقوله فاتقوا أي احذروا من الاغترار بما فيها فإنه في وشيك الزوال واحذروا النساء فيض القدير عبد الرؤوف المناوي (3/544) قلت : فهذا هو كلام النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) فهل يجدر بعاقل بعد هذا الذم الصريح للدنيا أن يقول أن النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كان يحب الدنيا أو الغنائم فسبحان الله كيف تحكمون .
3. ومما يدحض هذه الشبهة وينقضها من أساسها أن أهل مكة عرضوا على رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) المال والملك والجاه من أجل أن يتخلى عن دعوته ، فرفض ذلك كله ، وفضل أن يبقى على شظف العيش مع الاستمرار في دعوته ، ولو كان من الراغبين في الدنيا لما رفضها وقد أتته من غير عناء
4. أنّ الوصايا التي كان يزود بها قواده تدل على أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) لم يكن طالب مغنم ولا صاحب شهوة، بل كان هدفه الأوحد والوحيد إبلاغ دين الله للناس ، وإزالة العوائق المعترضة سبيل الدعوة ، فها هو (عليه الصلاة والسلام) يوصي معاذ بن جبل (رضي الله عنه) عندما أرسله إلى اليمن بقوله :
(( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم ، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم ، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس )) رواه الإمام البخاري باب ما جاء في دعاء النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (6/2685) . فهو (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) لم يقاتل أحداً ، قبل دعوته إلى الإسلام ، الذي تصان به الدماء والحرمات
5. ومما يُرد به على هذه الفرية أن رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) قد ارتحل من الدنيا ولم يكن له فيها إلا أقل القليل ، ففي الصحيح عن عمرو بن الحارث قال : ( ما ترك رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) عند موته درهماً ، ولا ديناراً ، ولا عبداً ، ولا أمة ، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء ، وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة ) رواه الإمام البخاري –كتاب الوصايا-باب الوصايا وقول النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) وصية الرجل مكتوبة عنده (3/1005)
وعن عائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قالت : ( توفي رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد ، إلا شطر شعير في رف لي ) البخاري-باب فضل الفقر (5/2370)
6. وكما قيل : فإن الحق ما شهدت به الأعداء ، فقد أجرى الله على ألسنة بعض عقلاء القوم عبارات تكذب هذه الشبهة ، من ذلك ما قاله "كارليل" : "أيزعم الكاذبون أن الطمع وحب الدنيا هو الذي أقام محمداً وأثاره ، حمق وأيـم الله ، وسخافة وهوس " . ويقول : "لقد كان زاهداً متقشفاً في مسكنه ، ومأكله ، ومشربه ، وملبسه ، وسائر أموره وأحواله ...فحبذا محمد من رجل خشن اللباس ، خشن الطعام ، مجتهد في الله ، قائم النهار ، ساهر الليل ، دائباً في نشر دين الله ، غير طامع إلى ما يطمع إليه أصاغر الرجال ، من رتبة ، أو دولة ، أو سلطان ، غير متطلع إلى ذكر أو شهوة " .
7. وما زعمه المستشرقُ اليهوديُّ "مرجليوت" من أنَّ انتقامَ رسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) من يهودِ المدينةِ كان لأسباب مصطنعة وغير كافية، فجوابه أن الواقع خلاف ذلك، إذ أبرم النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) مع اليهود معاهدة تقرهم على دينهم، وتؤمنهم في أنفسهم وأموالهم ، بل تكفل لهم نصرة مظلومهم ، وحمايتهم ، ورعاية حقوقهم ، ولم يكن في سياسته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) إبعادهم ، ومصادرة أموالهم إلا بعد نقضهم العهود والمواثيق ، ووقوعهم في الخيانة والمؤامرة
وخلاصة القول :
نؤكد بأنه لا حُجَّة لمن يدعي أنَّ النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كان صاحب مطامع دنيوية ، يحرص عليها ، ويسعى في تحصيلها ، وإنما هي دعوة صالحة نافعة ، تعود بالخير على متبعيها في الدنيا والآخرة ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والله تعالى أعلم ,والحمد لله رب العالمين .
من أهم المصادر والمراجع:
1. فيض القدير عبد الرؤوف المناوي (3/544)
2. موقع ابن مريم على شبكة الإنترنت ((http://www.ebnmaryam.com/)