الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فنناقش في هذا المقال -بإذن الله- قضية تخصنا نحن الشبابَ، ونلمس آثارها في واقعنا الذي نحيا فيه، ألا وهي قضية الحب، الذي استفحل أمره وعظُم خطره؛ فبعد أن كان من البلايا التي يتستر عليها أصحابها أصبح من الأمور التي يتباهى بها الشبابُ مثبتين بذلك نضجَهم وتفتُحَهم.
وقبل أن نخوض في الكلام عن هذه المسألة، لابد أن نتفق على أصل من أصول ديننا الحنيف، ألا وهو قول الله -عز وجل-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(الأحزاب:36)، وكذلك قوله -عز وجل-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65).
فدلت هذه الآيات على أن المسلمَ عبدٌ لله -تعالى- في كل شئون حياته، ومن لوازم هذه العبودية أن يطيع اللهَ في كل ما أمره به، وأن ينتهي عن كل ما نهاه عنه، وما من أمرٍ من الأمور ولا حادثةٍ من الحوادث إلا ولله فيها حكمٌ، عَلِمَه من عَلِمَه، وجَهِلَه من جَهِلَه.
وإذا استصحبنا هذا الأصل في الكلام على عيد الحب فإننا سنجد ما يلي:
أولاً: لمحة تاريخية عن نشأة هذا العيد:
تعددت الأساطير حول طبيعة هذا العيد وقصة بدايته، إلا أننا يمكن حصر هذه الروايات في أحد طريقين:
1- عيد الحب إحياء للشرك الروماني:
ويروون في ذلك أسطورة، مفادها: أن الرومان كانوا يعتقدون أن مؤسس مدينة "روما" رجل يدعى "رومليوس"، وفي يوم ما رضع هذا الرجل من ذئبة شاردة في إحدى البراري؛ فأمدته بالقوة والحكمة!!
فحفظ الرومان ذلك اليوم، وكانوا يحتفلون بهذه الذكرى من كل عام، ولهم في هذا الاحتفال مراسم ملؤها الشرك والوثنية؛ لذا نجد العشاق يتبادلون في هذا اليوم كروتاً عليها صورة "كيوبيد"، وهو إله الحب عند الرومان.
2- عيد الحب اتباع للعقيدة النصرانية:
ومما يروى في ذلك أن أحد ملوك الرومان أصدر قراراً بمنع جنوده من الزواج؛ لأنه رأى أن الزواج يشغلهم عن الحروب والمعارك، وقد كان هذا بعد تحول الرومان إلى النصرانية، فثار "فالنتين" على هذا القرار -وقد كان قسيساً في الكنيسة-، ومن يومها عزم "فالنتين" على إجراء عقود الزواج للجند سراً، فعلم الإمبراطور بذلك، فسجنه وحكم عليه بالإعدام، وأصبح من يومها شهيد الحب.
ويروون أيضاً أن الرومان بعد تحولهم إلى النصرانية أبقوا على احتفالهم بيوم الحب، لكنهم حولوه من الحب الإلهي إلى العشق بين الرجال والنساء، فكانت الفتيات اللاتي يرغبن في الزواج يكتبن أسماءهن في ورقات صغيرة، ويأتي الشباب الراغبون في الزواج فيختار كل منهم ورقة، وبموجبها يمكث مع صاحبة الورقة سنة كاملة، ثم يقررا بعد ذلك الزواج أو الانفصال!!
فثار فالنتين على هذا الأمر لأنه اعتبره مفسداً لأخلاق الشباب؛ لذا فإن من شعار العشاق في هذا اليوم تبادل الورود الحمراء، وارتداء الملابس الحمراء؛ تعبيراً عن هذا العشق.
وعلى أي الأحوال سواء كانت نشأة هذا اليوم عند الرومان أصالة أو تسللت إلى النصارى عبر الرومان، فإن المسلم لا يليق به أن يدنِّس أخلاقه ويشوِّه عقيدته بالاحتفال بمثل هذا اليوم، وإلا....
- فمن ذا الذي يصدق أن ذئبة أرضعت رجلاً، وكان نتاج هذا الرضاع القوة والحكمة؟!
- ومن الذي يرضى على نفسه ما اعتبره رجال الدين النصارى مفسداً لأخلاق الشباب؟!
- أضف إلى ذلك أن الأعياد في الإسلام هي من جنس الشعائر والعبادات، والتي لا يجوز الزيادة عليها إلا بوحي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما دخل المدينة وجدهم يلعبون في يومين، فقالوا: (كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ) رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني.
- وأخيراً... فهذا تشبه بالكفار، وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
وإن سلم المحتفلُ بهذا العيد من مشابهة الشرك الوثني الروماني، فلا مفر من تلبسه بإحياء ذكرى العشق الماجن والحب الفاجر، والذي يكون -غالباً- خارج إطار الزوجية.
ثانياً: واجبنا نحو الشباب:
1- الاعتزاز بهذا الدين والتمسك بشعائره، وترك مشابهة الأمم الملعونة من اليهود والنصارى وغيرهم، وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من فقال: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟) رواه البخاري ومسلم.
2- التنبيه إلى أن هذه الأعياد نشأت وترعرعت في بلاد الكفر والفسق، وهم إنما يحاولون تصدير هذه الأخلاق الرذيلة؛ لإفسادنا وتدمير قوانا، وهم مع ذلك لا يرضون عنا إلا إذا سلمنا لهم الراية تماماً، بالدخول في دينهم -والعياذ بالله-، كما قال -تعالى-: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)(البقرة:120).
3- عدم الاحتفال بهذا اليوم أو المشاركة في طقوسه؛ لأنهم -وكما قدمنا- يقصدون بالمحبة هنا العشق والغرام في العلاقات الغير شرعية، والتي ينتج منها انتشار الزنا والفواحش وأنواع الزيجات المحرمة من الزواج العرفي أو زواج الصداقة وغيره.
وإن قصدوا به المحبة الإنسانية وإشاعة الأخوة بين بني الإنسان، فهذا كذب على العقلاء من ناحية -وإلا فما تفسير ما يحدث للمسلمين في شتى بقاع الأرض-، وتَجَنٍّ على الشرع من ناحية أخرى؛ لأن الله أمرنا ببغض الكافرين، قال -تعالى-: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)(المجادلة:22).
4- عدم إعانة من يحتفل بهذا اليوم، مثل من يبيع الكروت أو الورود الحمراء لمن يعلم أنه يستخدمها في مثل هذه الأغراض؛ لأن الله -تعالى- يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة:2).
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فنناقش في هذا المقال -بإذن الله- قضية تخصنا نحن الشبابَ، ونلمس آثارها في واقعنا الذي نحيا فيه، ألا وهي قضية الحب، الذي استفحل أمره وعظُم خطره؛ فبعد أن كان من البلايا التي يتستر عليها أصحابها أصبح من الأمور التي يتباهى بها الشبابُ مثبتين بذلك نضجَهم وتفتُحَهم.
وقبل أن نخوض في الكلام عن هذه المسألة، لابد أن نتفق على أصل من أصول ديننا الحنيف، ألا وهو قول الله -عز وجل-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(الأحزاب:36)، وكذلك قوله -عز وجل-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65).
فدلت هذه الآيات على أن المسلمَ عبدٌ لله -تعالى- في كل شئون حياته، ومن لوازم هذه العبودية أن يطيع اللهَ في كل ما أمره به، وأن ينتهي عن كل ما نهاه عنه، وما من أمرٍ من الأمور ولا حادثةٍ من الحوادث إلا ولله فيها حكمٌ، عَلِمَه من عَلِمَه، وجَهِلَه من جَهِلَه.
وإذا استصحبنا هذا الأصل في الكلام على عيد الحب فإننا سنجد ما يلي:
أولاً: لمحة تاريخية عن نشأة هذا العيد:
تعددت الأساطير حول طبيعة هذا العيد وقصة بدايته، إلا أننا يمكن حصر هذه الروايات في أحد طريقين:
1- عيد الحب إحياء للشرك الروماني:
ويروون في ذلك أسطورة، مفادها: أن الرومان كانوا يعتقدون أن مؤسس مدينة "روما" رجل يدعى "رومليوس"، وفي يوم ما رضع هذا الرجل من ذئبة شاردة في إحدى البراري؛ فأمدته بالقوة والحكمة!!
فحفظ الرومان ذلك اليوم، وكانوا يحتفلون بهذه الذكرى من كل عام، ولهم في هذا الاحتفال مراسم ملؤها الشرك والوثنية؛ لذا نجد العشاق يتبادلون في هذا اليوم كروتاً عليها صورة "كيوبيد"، وهو إله الحب عند الرومان.
2- عيد الحب اتباع للعقيدة النصرانية:
ومما يروى في ذلك أن أحد ملوك الرومان أصدر قراراً بمنع جنوده من الزواج؛ لأنه رأى أن الزواج يشغلهم عن الحروب والمعارك، وقد كان هذا بعد تحول الرومان إلى النصرانية، فثار "فالنتين" على هذا القرار -وقد كان قسيساً في الكنيسة-، ومن يومها عزم "فالنتين" على إجراء عقود الزواج للجند سراً، فعلم الإمبراطور بذلك، فسجنه وحكم عليه بالإعدام، وأصبح من يومها شهيد الحب.
ويروون أيضاً أن الرومان بعد تحولهم إلى النصرانية أبقوا على احتفالهم بيوم الحب، لكنهم حولوه من الحب الإلهي إلى العشق بين الرجال والنساء، فكانت الفتيات اللاتي يرغبن في الزواج يكتبن أسماءهن في ورقات صغيرة، ويأتي الشباب الراغبون في الزواج فيختار كل منهم ورقة، وبموجبها يمكث مع صاحبة الورقة سنة كاملة، ثم يقررا بعد ذلك الزواج أو الانفصال!!
فثار فالنتين على هذا الأمر لأنه اعتبره مفسداً لأخلاق الشباب؛ لذا فإن من شعار العشاق في هذا اليوم تبادل الورود الحمراء، وارتداء الملابس الحمراء؛ تعبيراً عن هذا العشق.
وعلى أي الأحوال سواء كانت نشأة هذا اليوم عند الرومان أصالة أو تسللت إلى النصارى عبر الرومان، فإن المسلم لا يليق به أن يدنِّس أخلاقه ويشوِّه عقيدته بالاحتفال بمثل هذا اليوم، وإلا....
- فمن ذا الذي يصدق أن ذئبة أرضعت رجلاً، وكان نتاج هذا الرضاع القوة والحكمة؟!
- ومن الذي يرضى على نفسه ما اعتبره رجال الدين النصارى مفسداً لأخلاق الشباب؟!
- أضف إلى ذلك أن الأعياد في الإسلام هي من جنس الشعائر والعبادات، والتي لا يجوز الزيادة عليها إلا بوحي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما دخل المدينة وجدهم يلعبون في يومين، فقالوا: (كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ) رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني.
- وأخيراً... فهذا تشبه بالكفار، وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
وإن سلم المحتفلُ بهذا العيد من مشابهة الشرك الوثني الروماني، فلا مفر من تلبسه بإحياء ذكرى العشق الماجن والحب الفاجر، والذي يكون -غالباً- خارج إطار الزوجية.
ثانياً: واجبنا نحو الشباب:
1- الاعتزاز بهذا الدين والتمسك بشعائره، وترك مشابهة الأمم الملعونة من اليهود والنصارى وغيرهم، وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من فقال: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟) رواه البخاري ومسلم.
2- التنبيه إلى أن هذه الأعياد نشأت وترعرعت في بلاد الكفر والفسق، وهم إنما يحاولون تصدير هذه الأخلاق الرذيلة؛ لإفسادنا وتدمير قوانا، وهم مع ذلك لا يرضون عنا إلا إذا سلمنا لهم الراية تماماً، بالدخول في دينهم -والعياذ بالله-، كما قال -تعالى-: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)(البقرة:120).
3- عدم الاحتفال بهذا اليوم أو المشاركة في طقوسه؛ لأنهم -وكما قدمنا- يقصدون بالمحبة هنا العشق والغرام في العلاقات الغير شرعية، والتي ينتج منها انتشار الزنا والفواحش وأنواع الزيجات المحرمة من الزواج العرفي أو زواج الصداقة وغيره.
وإن قصدوا به المحبة الإنسانية وإشاعة الأخوة بين بني الإنسان، فهذا كذب على العقلاء من ناحية -وإلا فما تفسير ما يحدث للمسلمين في شتى بقاع الأرض-، وتَجَنٍّ على الشرع من ناحية أخرى؛ لأن الله أمرنا ببغض الكافرين، قال -تعالى-: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)(المجادلة:22).
4- عدم إعانة من يحتفل بهذا اليوم، مثل من يبيع الكروت أو الورود الحمراء لمن يعلم أنه يستخدمها في مثل هذه الأغراض؛ لأن الله -تعالى- يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة:2).
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.